توقع خبراء ومحللون اقتصاديون، حدوث نتائج قاسية للأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، نتيجة رفض استلام أموال المقاصة والضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالحها، بعد قرار الأخيرة وقف العمل بالاتفاقيات بين الجانبين، بسبب نية إسرائيل ضم أراض من الضفة الغربية وبسط السيادة عليها.
وأعلنت وزارة المالية الفلسطينية، الثلاثاء، عدم قدرتها حتى اللحظة على صرف رواتب موظفيها، مشيرة إلى أنها تبذل جهودا من أجل تجاوز هذه الأزمة المالية.
ورأى المحللون أن انهيار السلطة وشل قدرتها على التحرك، قد تكون إحدى تداعيات هذه الأزمة المالية، خاصة بسبب ما تمثله هذه الأموال من مصدر أساس من مصادر الإنفاق الحكومي للسلطة، إضافة لعدم قدرة السلطة على فرض ضرائب جديدة لتحسين الجباية الداخلية، بسبب تضرر الاقتصاد الفلسطيني من تداعيات أزمة جائحة كورونا.
وقال الخبير الاقتصادي سمير أبومدللةإن "أموال المقاصة تصل إلى 2.4 مليار دولار سنويا، وهي تمثل 60% من نفقات السلطة، وباقي النفقات يعتمد على المانحين والجباية الداخلية".
وأضاف في حديث لـ "إرم نيوز" أنه "في ظل ما اتخذته السلطة الفلسطينية من قرارات تطبيقا لقرارات المجلسين الوطني والمركزي بقطع العلاقة مع إسرائيل ووقف العمل باتفاق باريس، بسبب ما تمارسه إسرائيل من القرصنة واقتطاع ما تريد من أموال المقاصة تحت بند الكهرباء أو تعويضات، فإن الفترة القادمة ستكون صعبة خاصة إذا ما استجاب بعض المانحين للضغوطات الأمريكية وأوقفوا مساعدتهم للسلطة الفلسطينية".
وتابع: "ستدخل السلطة في أزمة حقيقية، حيث بدأت هذا الشهر أولى تداعياتها بالعجز في ميزانية الرواتب، وإذا استمرت هذه الأزمة لن تكون الأزمة أزمة مالية فقط، ولكنها ستمتد لأزمة سياسية قد تؤدي لانهيارها".
وأوضح أن "التوقعات أن يصل العجز في الموازنة السنوية للسلطة الفلسطينية إلى مليار ونصف المليار دولار، وهذا سيؤثر على عمل السلطة، ومن المتوقع أن تواجه السلطة أزمة حقيقية إذا لم يكن هناك تحرك لمعالجة تداعيات الأزمة".
وقال أبو مدللة إنه "ليس أمام السلطة إلا المواجهة، وعلى السلطة التوجه للمحاكم الدولية، لأن اتفاق باريس الذي كانت تتم بموجبه جباية الضرائب للفلسطينيين، جعل هذه الأموال مستحقة لهم، لكن إسرائيل كانت تتنصل من اتفاقياتها والتزاماتها وتقتطع من هذه الأموال وتقوض مقومات الدولة الفلسطينية".
وأشار إلى أن على السلطة تخفيض النفقات بقدر الإمكان، وتخفيض فاتورة الرواتب العالية، والتحرك نحو الدول العربية لتفعيل شبكة الأمان العربية، حتى لا يكون هناك ضغوطات من الإسرائيليين على السلطة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم إن "الأزمة السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحولت لأزمة اقتصادية بسبب السلوك الإسرائيلي التعسفي، ونيته ضم الأغوار والاستمرار في خطواته الأحادية لفرض تسوية على الأرض".
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن "أموال المقاصة هي واحدة من المعارك الاقتصادية بخلفية سياسية، وستضعف من قدرة السلطة على الوفاء بالتزاماتها خاصة في ظل تأثر الجباية الداخلية بسبب أزمة كورونا".
وتابع أن "هذه الأزمة ستضعف قدرة الإنفاق الحكومي الذي يحرك السوق ويضخ السيولة، بما سينعكس على الوضع الاقتصادي ومعدلات البطالة والفقر، لأن الاقتصاد الفلسطيني هش، وعمقت جائحة كورونا من أزمته".
وأشار إلى أن توقف هذه الأموال سيقود لشلل في وظائف السلطة وشلل في إدارتها للأوضاع بما يقود للانهيار، لكن الانهيار سيجلب متاعب لإسرائيل والمجتمع والدولي.
وتوقع الخبير الاقتصادي، أن تحاول إسرائيل إيجاد بديل للتواصل مع الشعب الفلسطيني، وإيصال الأموال من خلاله لتجاوز السلطة الفلسطينية.
وحول خيارات السلطة الفلسطينية لمواجهة الأزمة، أكد عبد الكريم، أن "الخيارات ضيقة في مجال الاقتراض من البنوك، كما أن المساعدات الدولية قليلة ويتواصل تقلصها، وأن زيادة الضرائب غير واقعية في ظل أزمة كورونا".