اعتبرت وسائل إعلام إيرانية معارضة، اليوم الاثنين، أن إزاحة محمد جواد لاريجاني من منصب رئيس هيئة حقوق الإنسان في القضاء وتعيين "علي باقري كني" شقيق "مصباح هادي باقري كني"، صهر المرشد الأعلى علي خامنئي، بمثابة ضربة موجعة لعائلة لاريجاني ذات النفوذ الواسع.
وتنحدر عائلة لاريجاني من مدينة "آمل" شمال إيران التي تولت مناصب مهمة وحساسة في إيران، منها رئيس البرلمان الحالي علي لاريجاني لمدة 12 عاما الذي ستنتهي فترة رئاسته في فبراير/شباط المقبل، فيما يتولى شقيقه "صادق لاريجاني" منصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام بعدما كان يتولى منصب رئيس السلطة القضائية في أوائل عام 2019.
ويوم أمس الأحد، أعلن رئيس السلطة القضائية رجل الدين المتشدد "إبراهيم رئيسي" إزاحة محمد جواد لاريجاني من منصب رئيس هيئة حقوق الإنسان في القضاء، وتعيين علي باقري كني بدلا منه.
وبعد إزاحة صادق لاريجاني، قُبض على بعض مساعديه السابقين في القضاء أو وجهت إليهم اتهامات بالفساد تحت القيادة الجديدة للقضاء بزعامة إبراهيم رئيسي، الذي يعتقد البعض أنه منافس لمنصب المرشد الأعلى في المستقبل.
كما وجهت اتهامات بالفساد لإخوة لاريجاني خلال السنوات الماضية، بما في ذلك اغتصاب الأراضي العامة.
ويعمل المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في إيران داخل القضاء ويمثل البلاد في المنظمات والمنتديات الدولية الحقوقية، وتم تعيين محمد جواد لاريجاني قبل 15 عاما برئاسة المكتب وخدم 3 رؤساء قضائيين مختلفين خلال فترة ولايته.
الرئيس الجديد لهيئة حقوق الإنسان في القضاء الإيراني، علي اقري كني، قريب من المتشددين في إيران وكان جزءا من فريق التفاوض النووي الإيراني خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد، كما شغل مناصب دبلوماسية.
وكان علي باقري كني رئيس الحملة الانتخابية للمرشح المتشدد "سعيد جليلي" خلال فترة الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2013، وكان نائب جليلي رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي خلال فترة رئاسته.
والرئيس الجديد للسلطة القضائية هو نجل محمد باقر باقري كني، العضو السابق في مجلس خبراء القيادة في إيران، ومحمد باقر كني هو الشقيق الأصغر لمحمد رضا مهدوي كني، رئيس مجلس خبراء القيادة الذي توفي في 21 أكتوبر 2014.
وتهيمن الأسرة المؤثرة على جامعة الإمام الصادق، وليس من المستغرب أن يكون علي باقري كني أستاذا بالجامعة، وكان والده يعمل كمدير مؤقت للجامعة.
لاريجاني "إرهابي"
محمد جواد لاريجاني، وُصف منذ فترة طويلة بأنه "إرهابي" من قبل أسر ضحايا الاحتجاجات التي اندلعت في منتصف نوفمبر الماضي، والتي أوقعت مئات القتلى والجرحى والمعتقلين.
ورأى موقع "زمانه" التابع للمعارضة الإيرانية، أن "تنحي صادق لاريجاني من منصب رئيس السلطة القضائية في أوائل العام الجاري، والآن عزل جواد لاريجاني من منصبه في السلطة القضائية، فيما امتنع علي لاريجاني عن الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، هي بمثابة صفعة قوية لعائلة لاريجاني التي كانت تتمتع بنفوذ قوي داخل السلطة".
إقصاء عائلة لاريجاني
ودشن ناشطون إيرانيون عبر "تويتر" وسما بعنوان "إقصاء إخوان لاريجاني"، حيث كتب الناشط الإيراني "جواد صبوري" المقرب من التيار الأصولي المتشدد، "ذهب لاريجاني، وجاء كني، وتعد إزالة إخوان لاريجاني من السلطة بداية الانتفاضة الثورية".
من جانبه، اعتبر الناشط السياسي "مصطفى سميعي الناشط" أن "جواد لاريجاني تم إبعاده، ويبدو أن القرار أغضبه. الله ينقذنا من شر روحاني (الرئيس الإيراني) والإصلاحيين واللارجانيين بأكملهم (جواد وعلي وصادق لاريجاني)".
كما غردت "مرضية عادلنيا"، قائلة إن "تعيين علي باقري كني بمنصب رئيس هيئة حقوق الإنسان في القضاء، وإزاحة محمد جواد لاريجاني، يؤكد أن إبراهيم رئيسي (رئيس السلطة القضائية)، تمكن حتى الآن من إقصاء عائلة لاريجاني من السلطة"، متسائلة "ما هي الأسرة المحكوم عليها بالانقراض في المرحلة القادمة".
لاريجاني موضع انتقاد
وكان دور محمد جواد لاريجاني كمدافع عن حقوق الإنسان في القضاء الإيراني في كثير من الأحيان موضع انتقادات من قبل نشطاء حقوق الإنسان والخبراء.
ودافع لاريجاني عن سجل حقوق الإنسان لإيران في المنظمات الدولية، عبر مواقف وبيانات صادرة مليئة بالانتهاكات الخطيرة، وكانت مهمة جواد لاريجاني خلال هذه السنوات هي رفض تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان، ومهاجمة المنظمات الدولية لحقوق الإنسان ومعارضة تقارير مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشأن إيران.
وعمل لاريجاني على رسم سيناريوهات خيالية لتبرير عمليات جرت في إيران، مثل تورط بريطانيا وأمريكا في اغتيال شابة إيرانية قتلت في 20 يونيو 2009 أثناء الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، فيما تقول المعارضة إنها قتلت على يد ميليشيات الباسيج.
كما دافع محمد جواد لاريجاني عن عقوبة الرجم، وشن هجوما حادا على مقرري الأمم المتحدة الخاصين، حيث اعتبر أنهما يهرجان ويمثلان "أصوات الإرهابيين".
وفي الوقت نفسه، كان جواد لاريجاني نشطا أيضا في السياسة الداخلية وكان له نشاط محدود كمحلل أصولي، حيث حاول التنظير والحفاظ على الموقف الدبلوماسي من خلال الدفاع عن سعي إيران لتكنولوجيا القنابل النووية والانتقاد الشديد للاتفاق النووي.
ويرى مراقبون ينتمون للتيار المتشدد في إيران أن عائلة لاريجاني أصبحت وبسبب علي لاريجاني رئيس البرلمان الحالي تميل إلى التيار الإصلاحي والمعتدلين (روحاني)، فيما تشير التقارير إلى أن الأصوليين يعتزمون ترشيح لاريجاني للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2021، فيما نفى لاريجاني تلك المعلومات.