لطالما اعتُبر الحليب الكامل الدسم خيارًا غذائيًا يجب تجنبه بسبب احتوائه على نسبة عالية من الدهون المشبعة، والتي رُبطت في الكثير من الدراسات بخطر الإصابة بأمراض القلب. وقد أدى هذا التوجه، في العديد من الدول، إلى تفضيل الحليب قليل أو منزوع الدسم، خصوصًا في المؤسسات التعليمية والبرامج الصحية العامة.
لكن مؤخرًا، بدأت أبحاث علمية جديدة تعيد النظر في هذا النهج، وتشير إلى أن الدهون الموجودة في الحليب الكامل قد لا تكون ضارة كما كان يُعتقد سابقًا؛ ما أثار نقاشًا عالميًا حول ضرورة مراجعة التوصيات الغذائية المتعلقة بمشتقات الألبان.
وأظهرت دراسات حديثة أن استهلاك الحليب واللبن والجبنة، سواء كانت كاملة الدسم أو منخفضة الدسم، لا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتات الدماغية؛ بل إن التأثير يبدو محايدًا من الناحية الصحية.
ويشير خبراء التغذية المؤيدون لهذه النتائج إلى أن منع الحليب الكامل من الأنظمة الغذائية، خاصة للأطفال، قد يؤدي إلى اللجوء إلى بدائل أكثر ضررًا، مثل الحليب المُحلّى بنكهات صناعية، لتعويض النكهة التي يفتقدها الحليب قليل الدسم.
من جهة أخرى، يرى بعض العلماء أن إعادة الحليب الكامل إلى الوجبات اليومية قد تكون خطوة متسرعة، خاصة في ظل الاستهلاك العالي للدهون المشبعة من مصادر أخرى كالأطعمة السريعة واللحوم المعالجة. هؤلاء يطالبون بمزيد من الأدلة القاطعة قبل تغيير السياسات الغذائية العامة.
وتقول الدكتورة غابي هيدريك، خبيرة السياسات الغذائية لموقع "USA Daily": إن "الدهون الموجودة في منتجات الألبان قد تختلف في تأثيرها عن الدهون المشبعة الأخرى، لكن العلم لا يزال غير حاسم".
وبين مؤيد ومعارض، يتضح أن هناك تحولًا عالميًا في الطريقة التي يُنظر بها إلى الدهون الغذائية، وخصوصًا تلك الموجودة في منتجات الألبان. ويبقى الحليب الكامل محورًا مهمًا في هذا الجدل المتجدد حول الصحة والتغذية.