logo
صحة

كيف أصبح "مؤثرو العافية" قوة تقود موجة التضليل الصحي على الإنترنت؟

تعبيرية المصدر: istock

يشهد تأثير صناع محتوى العافية على وسائل التواصل الاجتماعي تزايداً ملحوظاً؛ ما يثير قلق خبراء الصحة العامة نظراً لدورهم المتنامي في تشكيل تصوّر الجمهور للصحة والتغذية والوقاية من الأمراض. وتنتشر مقاطعهم على منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإنستغرام وفيسبوك، حيث يروّج الكثير منهم لمكمّلات وعلاجات بديلة وعادات صحية لا تستند غالباً إلى دليل علمي موثوق.

تراجع الثقة بالأنظمة الصحية التقليدية

ويأتي هذا في ظل تراجع الثقة بالأنظمة الصحية التقليدية. وتشير دراسات حديثة إلى أن العديد من الأفراد يواجهون صعوبات في الحصول على الرعاية الأولية، سواء بسبب التكلفة أو قلة المواعيد المتاحة أو فترات الانتظار الطويلة.

وفي الوقت نفسه، تراجعت الثقة بالمؤسسات العلمية والطبية، خاصة بعد جائحة "كوفيد-19"؛ ما دفع الكثيرين إلى الاعتماد على الإنترنت كمصدر رئيس للمعلومات الصحية، حيث يظهر مؤثرو العافية بشكل أكثر قرباً وسهولة مقارنة بالمتخصصين الطبيين.

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

كشف مخاطر المعلومات الصحية المضللة على إنستغرام وتيك توك

"أساليب إقناع فعالة"

ويشير الخبراء إلى أن المؤثرين يستخدمون أساليب إقناعية فعّالة، مثل تقديم رسائل واثقة، وحلول بسيطة لقضايا صحية معقدة، ومحتوى يستثير المشاعر. وتزيد هذه الأساليب من التفاعل وتساعد المؤثرين على بناء "علاقات شبه شخصية" مع الجمهور، تمنح المتابعين شعوراً زائفاً بالثقة والقرب. ويستفيد المؤثرون أيضاً من سهولة وسرعة إنتاج المحتوى، على عكس النهج البطيء والدقيق الذي يتبعه المتخصصون الطبيون.

"مصالح مدفوعة تدمر صحتك"

ويزيد من المخاطر ضعف الرقابة على  المكملات والمنتجات الصحية؛ إذ يروّج بعض المؤثرين لمنتجات عبر شراكات مدفوعة، أحياناً دون إفصاح كافٍ. كما كشفت تقارير أن العديد من المنشورات التي تروّج لاختبارات أو علاجات طبية مرتبطة بمصالح مالية مباشرة لصانعي المحتوى. وقد يؤدي ذلك إلى إجراءات طبية غير ضرورية أو تشخيص زائد أو تأخير في تلقي العلاج الصحيح.

وقد أدت هذه الممارسات في بعض الحالات إلى أضرار بالغة؛ إذ تعرّض أشخاص لأذى خطير أو توفّوا بعد رفضهم علاجات مثبتة طبياً لصالح أساليب بديلة أو غير مثبتة. وتُظهر الأبحاث انتشاراً واسعاً للمعلومات الصحية الكاذبة على الإنترنت، خصوصاً فيما يتعلق بعلاجات السرطان والمعلومات المناهضة للقاحات.

وفي مواجهة ذلك، بدأت المؤسسات الصحية في تبنّي استراتيجيات رقمية لمكافحة التضليل، منها شبكات مثل "فيديس" التي تدعمها منظمة الصحة العالمية، وتهدف إلى تعزيز المحتوى الطبي الدقيق الذي يقدّمه مختصون. وتركز هذه المبادرات على تحسين مهارات التواصل، واستخدام صيغ جذابة، وتنسيق الحملات لمجاراة سرعة انتشار المعلومات المضللة. 

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

أكثر من نصف فيديوهات الصحة النفسية على تيك توك "مضللة"

ورغم هذه الجهود، تستمر المعلومات الخاطئة في الانتشار بسرعة بسبب سهولة رسائلها وجاذبيتها العاطفية. ويؤكد خبراء الصحة العامة ضرورة تعزيز الحصول على الرعاية الأولية، ورفع الوعي الإعلامي، وتشديد الرقابة على الادعاءات الصحية عبر الإنترنت للحد من المخاطر.

وتبقى ظاهرة محتوى العافية غير الموثوق مثالاً بارزاً على تحديات التواصل الصحي في العصر الرقمي، حيث يمكن للسرديات الجذابة أن تطغى على النصائح الطبية المبنية على الأدلة.
 
 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC