اكتسب التيروسين، وهو حمض أميني يستخدمه الجسم لإنتاج البروتين، شهرة كمكمل غذائي، خصوصًا بسبب الفوائد المحتملة التي يُزعم أنها تحسن الوظائف الإدراكية والمزاج.
وفي حين أن التيروسين يتم تصنيعه طبيعيًا من الفينيل ألانين في الجسم، فإن الاتجاه المتزايد لاستخدامه كمكمل غذائي مدفوع بمجموعة من الفوائد الصحية المزعومة، وخاصة في إدارة التوتر، وتعزيز الذاكرة، وحتى علاج حالات مثل الاكتئاب واضطراب نقص الانتباه، بحسب تقرير نشرته مجلة ”ديسكوفر“.
يتم تسويق مكملات التيروسين بشكل شائع على أنها قادرة على تحسين الوظائف العقلية (الإدراكية) في المواقف المجهدة، مثل زيادة التركيز والذاكرة. كما يُزعم أنها تعزز الدافع والتحفيز، وتساعد في دعم النوم ورفع المزاج.
بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الادعاءات التي تشير إلى أن التيروسين قد يكون بديلاً طبيعيًا للأدوية الموصوفة مثل "أدرال"، الذي يُستخدم لعلاج اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).
ويتم نشر هذه الادعاءات بشكل كبير عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، حيث يدعمها المؤثرون والمشاهير كجزء من "قوائم الدوبامين" التي تهدف إلى تعزيز الرفاهية العقلية.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذه الفوائد يجب أن تؤخذ بحذر، حيث إن الأدلة العلمية لدعم العديد من هذه الادعاءات محدودة. وفقًا لجوليا زومبانو، اختصاصية التغذية المسجلة في مركز كليفلاند كلينك للتغذية البشرية، فإن الأبحاث حول تأثيرات مكملات التيروسين قد أظهرت نتائج متباينة.
يسهم التيروسين في إنتاج العديد من الناقلات العصبية المهمة، مثل الدوبامين، والنورإبينفرين، والإبينفرين، التي تلعب أدوارًا رئيسية في تنظيم المزاج واستجابة الجسم للتوتر. نتيجة لذلك، يستخدم بعض الأشخاص مكملات التيروسين لمحاولة تخفيف أعراض الاكتئاب أو القلق.
ومع ذلك، فإن معظم الدراسات حول هذه التأثيرات أُجريت على الحيوانات، ولا تزال البيانات البشرية غير حاسمة. وتقول زومبانو: "الفرضية هي أن مكملات التيروسين يمكن أن تساعد في إدارة المزاج والتوتر لدى البشر، لكن لا يمكننا قول ذلك مع اليقين حتى الآن.“
وبالمثل، أظهرت الأبحاث أن مكملات التيروسين قد تحسن الوظائف الإدراكية في ظل التوتر. حيث أظهرت دراسة أُجريت في عام 2013 أن المشاركين الذين تناولوا مكملات التيروسين أدوا بشكل أفضل في مهام الذاكرة خلال التحديات الذهنية. ومع ذلك، تنصح زومبانو بالحذر، حيث إن المزيد من الدراسات ضروري لتحديد فعاليتها في إدارة التوتر.
كما يستخدم الرياضيون مكملات التيروسين، معتقدين أنها قد تعزز الأداء والقدرة على التحمل، خاصة في الظروف المناخية القاسية. ومع ذلك، أظهرت الدراسات المتعلقة بهذا الاستخدام نتائج غير متسقة، مما يترك الفوائد الحقيقية غير واضحة.
بينما يُعتبر التيروسين عمومًا آمنًا، يوصي الخبراء بضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لفهم تأثيراته على المدى الطويل وما إذا كانت المكملات ضرورية لمعظم الأفراد. تقول زومبانو: "من الأفضل في الوقت الحالي اتخاذ الحذر."
قبل التفكير في تناول مكملات التيروسين، من الضروري استشارة مقدم رعاية صحية، خاصة للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية كامنة. يمكن أن تختلف جودة المكملات، وليس جميعها يتم اختباره من طرف ثالث لضمان السلامة.
قد يحتاج الأشخاص المصابون بمرض الفينيل كيتون يوريا، وهو اضطراب وراثي نادر يعوق قدرة الجسم على معالجة الفينيل ألانين، إلى مكملات التيروسين، ولكن هذا ليس ممارسة سريرية شائعة. وبالنسبة لمعظم الناس، ومع ذلك، فإن النقص في التيروسين غير محتمل، حيث إن الجسم ينتج الكمية اللازمة من هذا الحمض الأميني بشكل طبيعي.
كما أن التيروسين متوفر في العديد من الأطعمة، بما في ذلك الجبن، وبذور السمسم، والدواجن، والأسماك، وبعض منتجات الصويا، والمكسرات. بالنسبة لمعظم الأفراد، قد يكون من الأفضل ضمان تناول كميات كافية من خلال النظام الغذائي.
رغم أن مكملات التيروسين تعتبر عمومًا آمنة، إلا أن تناول كميات زائدة منها قد يؤدي إلى آثار جانبية مثل الصداع، والأرق، واضطراب المعدة، والتقيؤ. وتوصي زومبانو بأن يحاول الأفراد زيادة تناولهم الغذائي من التيروسين قبل اللجوء إلى المكملات.
وتقول "لا يجب أن تكون المكملات الخيار الأول. من الأفضل دائمًا استشارة مقدم رعاية صحية قبل إجراء أي تغييرات في نظام المكملات الخاص بك".
وبينما قد تحمل مكملات التيروسين بعض الوعد لتحسين الوظائف الإدراكية وتنظيم المزاج، إلا أن المزيد من الأبحاث ضرورية لتأكيد فعاليتها. وكما هو الحال مع أي مكمل، فإن التفكير الحذر والإرشاد المهني أساسي لضمان استخدام آمن ومستنير.
