الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
لطالما كانت إزالة الغدد الليمفاوية أثناء جراحة السرطان خطوة محورية لإنقاذ أرواح آلاف المرضى، خصوصًا للكشف عن انتشار الأورام ومنع انتقالها إلى أعضاء أخرى، إلا أن أبحاثًا حديثة بدأت تُسلط الضوء على جوانب جديدة قد تغير طريقة تعامل الأطباء مع هذا الإجراء التقليدي.
الغدد الليمفاوية ليست مجرد مرشحات بيولوجية، بل تُعد مراكز تنسيق مناعية حيوية. فهي تعمل كنقاط التقاء للخلايا المناعية، حيث يتم تبادل المعلومات حول الأورام وتحفيز الخلايا التائية، وبالأخص الخلايا التائية الإيجابية لـ CD8، التي تتمكن من مهاجمة الخلايا السرطانية.
وأظهرت الدراسات أن هذه العقد تسهم في تجهيز خلايا المناعة للعمل بكفاءة، ما يجعل الإزالة الكاملة لها قد تُضعف استجابة الجسم المناعية، خاصة خلال العلاج المناعي الحديث الذي يعتمد على قدرة الجسم على محاربة السرطان بنفسه.
وعادة ما يتم استئصال الغدد الليمفاوية لسببين رئيسين هما تحديد مدى انتشار السرطان ومنع انتقاله إلى أعضاء أخرى، وفقاً لـ"ساينس أليرت".
فإذا انتقل الورم عبر الأوعية اللمفاوية، فإن العقد القريبة تعمل كمرشحات حيوية، واكتشاف خلايا سرطانية فيها يزيد احتمالية تكرار المرض بعد العلاج، وهذا يسمح للأطباء بتحديد مرحلة المرض بدقة، واختيار خطة علاجية أكثر فاعلية، ما قد يزيد فرص القضاء على جميع خلايا الورم.
مع ذلك، ليست إزالة الغدد الليمفاوية خالية من المضاعفات، فقد يعاني المرضى من تورم الأطراف (وذمة لمفية)، وزيادة خطر العدوى، وألم مزمن، ومشاكل في الحركة.
كما أن الإجراء قد يُضعف مناعة الجسم على المدى الطويل، وهو ما يمثل تحديًا خاصة مع اعتماد العلاجات الحديثة على قوة الجهاز المناعي للمريض.
وللتقليل من المخاطر، يعتمد الأطباء اليوم على تقنيات أكثر لطفًا، مثل خزعة العقدة الحارسة، حيث يتم استئصال العقدة الليمفاوية الأولى التي يصل إليها الورم فقط.
ويسمح هذا بتقييم انتشار السرطان مع تقليل عدد العقد المستأصلة والحفاظ على وظيفة المناعة، وهو توجه أصبح شائعًا في سرطان الثدي وأنواع أورام أخرى.
كما أن الدراسات الحديثة أوضحت أن الغدد الليمفاوية تمثل ساحات تدريب للخلايا المناعية، حيث تتكاثر وتكتسب القوة اللازمة لمحاربة الخلايا السرطانية.
وهذا يعكس أهمية الحفاظ على بعض العقد الليمفاوية حتى أثناء الجراحة، لضمان استمرار استجابة الجسم المناعية، خصوصًا مع العلاجات التي تُعزز المناعة مثل علاجات حصار نقاط التفتيش التي تُستخدم لعلاج العديد من أنواع السرطان.
العلاجات الناشئة مثل العلاج المناعي الموجه، اللقاحات المضادة للسرطان، والعلاجات البيولوجية توفر أيضًا إمكانية "إعادة تأهيل" الجهاز المناعي، حتى عند فقدان بعض العقد الليمفاوية.
وأظهرت الدراسات أن المرضى يتحسنون بشكل أفضل عندما تبقى بعض المحاور المناعية على الأقل، مما يتيح للجسم بناء دفاع مستمر ضد الخلايا السرطانية المتبقية.
في المستقبل، قد تصبح جراحة السرطان أكثر تخصيصًا، من خلال رسم خريطة دقيقة للنشاط المناعي داخل العقد الليمفاوية، لتحديد أيها ضروري للحفاظ على وظيفة المناعة وأيها الأكثر عرضة لتكوين أورام جديدة.
هذا النهج يمكن أن يحقق أقصى فائدة لكل مريض مع تقليل الضرر المحتمل للجسم، ويُعد خطوة نحو علاج أكثر أمانًا وفعالية في مواجهة السرطان.