لا تقتصر الفجوة غير المرئية بين التوقيت المحلي والساعة البيولوجية الداخلية على تعطيل النوم فقط، بل تؤثر أيضًا على وظائف الجسم الأساسية.
حيث ما يبدو كإزعاج مؤقت هو في الواقع اضطراب حقيقي يُعرف باسم "اضطراب الرحلات الجوية الطويلة" أو "اضطراب الإيقاع اليومي".
ما هو اضطراب الرحلات الجوية الطويلة؟
يُعد اضطراب الرحلات الجوية الطويلة مشكلة مؤقتة في النوم ناتجة عن الانتقال السريع بين عدة مناطق زمنية، حيث كل إنسان يمتلك ساعة داخلية تُعرف بالإيقاع اليومي، تتحكم في دورة النوم واليقظة، وتساعد على تنظيم وظائف حيوية مثل المزاج، وإفراز الهرمونات، والأيض، والمناعة.
ويحدث هذا الاضطراب عندما تبقى الساعة البيولوجية متزامنة مع توقيت بلد المغادرة، بينما يبدأ الجسم بمواجهة توقيت جديد، وكلما زادت المناطق الزمنية التي يتم عبورها، زاد احتمال حدوث هذا الخلل.
تأثير الساعة البيولوجية على الجسم
لا تقتصر مهام الساعة البيولوجية على تنظيم النوم فقط، بل تتحكم أيضًا في مجموعة واسعة من العمليات الحيوية، من بينها:
التوازن الهرموني
المزاج ومستوى الانتباه
أداء الجهاز المناعي
وظيفة الجهاز الهضمي
التمثيل الغذائي
اضطراب الإيقاع اليومي والمناعة
حذّر مركز معلومات التكنولوجيا الحيوية "NCBI" من أن اختلال الساعة البيولوجية بشكل متكرر يمكن أن يؤدي إلى خلل دائم في جهاز المناعة، ويُشير إلى أن الحفاظ على إيقاع داخلي منتظم أمر أساسي للحفاظ على الصحة العامة.
من جانبه، أشار معهد والتر ريد العسكري للأبحاث، في تقرير أوردته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها "CDC"، إلى أن آثار اضطراب الرحلات الجوية تتجاوز الأرق والشعور بالإرهاق، وتشمل:
صعوبات في الإدراك والتركيز
النعاس المفرط خلال النهار
اضطرابات الجهاز الهضمي
شعور عام بالتوعك
كم يستغرق الجسم للتعافي؟
لا يعود الجسم إلى توازنه البيولوجي فورًا بعد الرحلة، ويعتمد وقت التعافي على عدد المناطق الزمنية التي تم عبورها، حيث إن السفر شرقًا غالبًا أصعب، والعوامل الشخصية مثل العمر والحالة الصحية.
كما أن الأعراض عادة ما تظهر خلال يوم أو يومين من السفر، ويستغرق التكيف الكامل ما يقرب من يوم واحد لكل منطقة زمنية.
لذلك، فإن رحلة تمتد عبر ست مناطق زمنية قد تتطلب ما يصل إلى تسعة أيام للتعافي الكامل.
كيف يمكن تسريع التكيّف؟
يُعد التعرض المدروس للضوء أحد أبرز الوسائل لتقليل آثار اضطراب الرحلات الجوية، حيث يساعد الضوء، الطبيعي أو الاصطناعي، في إعادة ضبط الساعة البيولوجية الداخلية:
الضوء الساطع في الصباح يعزز تقديم الإيقاع اليومي ويُسهّل الاستيقاظ والنوم المبكر.
التعرض للضوء في المساء يؤدي إلى تأخير الإيقاع، أي البقاء مستيقظًا والنوم في وقت لاحق.
لذا يُعد توقيت التعرض للضوء عاملًا حاسمًا في تسريع أو إبطاء عملية التكيّف.