ارتفعت نسبة الإصابة بمرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASLD)، المعروف سابقًا باسم مرض الكبد الدهني غير الكحولي، بشكل كبير خلال العقود الأخيرة، ليصيب نحو 38% من البالغين حول العالم. ويرتبط المرض ارتباطًا وثيقًا بأمراض القلب والأوعية الدموية، إذ يشترك معها في العديد من عوامل الخطر مثل النظام الغذائي غير الصحي، ومقاومة الإنسولين، والالتهاب المزمن. ويُعدّ فقدان الوزن الوسيلة غير الدوائية الأكثر فعالية لعلاج الحالة، بينما لا تزال الخيارات الدوائية محدودة.
وفي دراسة جديدة نُشرت في مجلة Pharmacological Research، وجد باحثون من جامعة برشلونة أن اثنين من الأدوية الشائعة لعلاج أمراض القلب، بيمافايبرات (Pemafibrate) المستخدم لخفض الدهون في الدم، وتلميسارتان (Telmisartan) المستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم، قد ساهما بشكل ملحوظ في تقليل تراكم الدهون في الكبد. وأشار الباحثون إلى أن النتائج تدعم فكرة إعادة توظيف هذه الأدوية لعلاج مرض الكبد الدهني.
وقالت الدكتورة مارتا أليغريت، قائدة فريق البحث، إنهم استخدموا نماذج حيوانية من المراحل المبكرة للمرض، شملت الفئران وسمك الزرد (zebrafish)، لاختبار تأثير الدواءين. وتم تغذية الفئران بنظام عالٍ بالدهون والسكر لمدة شهرين، ثم عُولجت بمقدار محدد من كل دواء أو بمزيج من الدواءين بنصف الجرعة، وأظهرت النتائج انخفاضًا واضحًا في مستويات الدهون الثلاثية في الكبد لدى المجموعات المعالجة، فيما حقق المزيج الدوائي نصف الجرعة فعالية الجرعة الكاملة نفسها، ما يشير إلى تأثير تكاملي يقلل من احتمالية الآثار الجانبية.
ويعمل البيمافايبرات على تعزيز تكسير الدهون، بينما يقلل التلميسارتان من إنتاجها داخل الكبد، ما يجعل الجمع بينهما فعالًا بشكل خاص. كما أن الاستفادة المزدوجة في خفض مخاطر أمراض القلب والكبد قد تمثل قيمة طبية مهمة.
ويرى الخبراء أن إعادة توظيف الأدوية قد توفّر وسيلة فعالة من حيث التكلفة والوقت مقارنة بتطوير أدوية جديدة تمامًا. ومع ذلك، شددت أليغريت على أن هذه النتائج ما تزال في مرحلة مبكرة، وأن هناك حاجة إلى تجارب سريرية واسعة النطاق للتأكد من فعاليتها على البشر، خصوصًا في تحسين تليّف الكبد وتقليل محتوى الدهون فيه.
وإذا ما تم تأكيد هذه النتائج في الدراسات السريرية المستقبلية، فقد تمهّد هذه الأدوية الطريق نحو اختراق طبي جديد في علاج مرض الكبد الدهني، الذي يُعد من أكثر التحديات الصحية انتشارًا بصمت في العالم اليوم.