حذّرت دراسة علمية حديثة من أن آلاف الأنهار الجليدية حول العالم مرشحة للاختفاء سنويا خلال العقود المقبلة، مع بقاء جزء محدود منها فقط بحلول نهاية القرن، ما لم تُتخذ إجراءات جادة لكبح ظاهرة الاحتباس الحراري.
ووفقا للدراسة التي نُشرت، في مجلة "نيتشر"، فإن السياسات الحكومية المتبعة في مواجهة تغير المناخ ستحدد بشكل مباشر حجم الخسارة المتوقعة؛ إذ قد يتراوح عدد الأنهار الجليدية التي تختفي سنويًا بحلول منتصف القرن بين 2000 و4000 نهر جليدي.
وأشار الباحثون إلى أن فارقا بسيطا في متوسط درجات الحرارة قد يحدث فرقا جذريا في المستقبل الجليدي للكوكب، فارتفاع الحرارة قد يعني الحفاظ على ما يقارب نصف الأنهار الجليدية عالميا بحلول عام 2100، أو فقدان أكثر من 90% منها في حال استمرار الاحترار بوتيرته الحالية.
وقال قائد الدراسة، عالم الجليد لاندر فان تريخت، إن النتائج “تؤكد الحاجة الملحة إلى سياسات مناخية طموحة”، موضحا أن معظم الأبحاث السابقة ركزت على فقدان الكتلة والمساحة، في حين سعت هذه الدراسة إلى تقدير عدد الأنهار الجليدية الفردية التي قد تختفي عامًا بعد عام خلال هذا القرن.
ورغم أن ذوبان الأنهار الجليدية الصغيرة يسهم بدرجة أقل في ارتفاع منسوب البحار مقارنة بالأنهار الكبرى، فإن اختفاءها يحمل تداعيات محلية واسعة، تشمل التأثير على السياحة والهوية الثقافية والأنظمة البيئية في المناطق الجبلية.
وقال فان تريخت، من جامعتي ETH زيورخ وفريجي بروكسل، إن “اختفاء كل نهر جليدي على حدة قد تكون له آثار محلية كبيرة، حتى لو كانت مساهمة مياهه الذائبة محدودة”.
واعتمد الباحثون في دراستهم على تحليل صور أقمار صناعية لأكثر من 211 ألف نهر جليدي ضمن قاعدة بيانات عالمية، لتحديد الفترة التي سيشهد فيها العالم أعلى معدل لاختفاء الأنهار الجليدية، وهو ما أطلقوا عليه مصطلح "ذروة انقراض الأنهار الجليدية".
وتشير الدراسة إلى أن العالم يفقد حاليًا نحو 1000 نهر جليدي سنويا، إلا أن هذا المعدل مرشح للتسارع، ليبلغ ذروته عند 2000 نهر جليدي سنويا بحلول عام 2041، حتى في حال الالتزام بالحد الأقصى البالغ 1.5 درجة مئوية الذي نصت عليه اتفاقية باريس للمناخ.
وفي هذا السيناريو، سيبقى نحو 95,957 نهرا جليديا فقط بحلول عام 2100، أي أقل بقليل من نصف العدد الحالي. غير أن الأمم المتحدة حذّرت من أن العالم يتجه بالفعل إلى تجاوز سقف 1.5 درجة مئوية خلال السنوات القليلة المقبلة.
أما في حال استمرار السياسات الحالية، التي قد تقود إلى ارتفاع الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية، فتوقعت الدراسة اختفاء قرابة 3000 نهر جليدي سنويا بين عامي 2040 و2060.
وبحلول نهاية القرن، لن يبقى سوى واحد من كل خمسة أنهار جليدية، أي نحو 43,852 نهرا فقط حول العالم.
