كشف تقرير لمجلة "نيوزويك" عن الدور المحوري لقطاع النقل الأمريكي، في أزمة المناخ في الولايات المتحدة، إذ يسهم القطاع بنسبة 28% من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري في البلاد.
وتقول المجلة، في تقريرها، إن تلك تمثل النسبة الأعلى في مسببات الاحتباس الحراري بين مختلف القطاعات الصناعية، وفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية.
وفي مواجهة هذا التحدي، تتجه كبرى الشركات المصنعة للطائرات والسيارات والجرارات والقطارات، نحو حلول تعمل على تقليل التأثير الكربوني لصناعاتهم ومنتجاتهم، وفق التقرير.
وأوضحت "نيوزويك" أنها تعاونت مع مجموعة (Plant-A Insights) ومؤسسة (GIST Impact) لإطلاق تصنيف "أكثر الشركات الأمريكية خضرةً لعام 2025"، تقديرًا للشركات الملتزمة بخفض أثرها البيئي في مجالات رئيسة.
ومن تلك المجالات: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وإدارة المياه، والحد من النفايات، وضمت القائمة شركات رائدة في قطاع النقل، بما في ذلك "بوينغ"، و"جون دير"، و"كوجنيزانت تكنولوجي سوليوشنز"، و"بورغ وارنر"، و"سي إس إكس".
وبعيدًا عن التصنيف، ذكرت المجلة أنها تعمقت في أحدث تقارير الاستدامة التي أصدرتها بعض شركات النقل الأعلى تصنيفًا لمعرفة كيفية تعاملها مع الجهود المبذولة لجعل أعمالها صديقة للبيئة والتعرف على أحدث الاتجاهات في الصناعة.
يتكيف قطاع الطيران بنشاط مع بيئة أعمال أكثر خضرة. ومن أهم هذه الجهود استخدام الوقود الحيوي المخصص للطائرات، المعروف باسم وقود الطيران المستدام (SAF).
يُنتج هذا النوع من الوقود باستخدام منتجات متجددة أو نفايات، ويمكنه خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 94%، وفقًا لوزارة الطاقة الأمريكية.
ستُصنّع بوينغ طائرات متوافقة تمامًا مع وقود الطائرات المستدام (SAF) بحلول عام 2030 ويُعد هذا العام مهمًا لأنه الموعد النهائي الذي حددته شركة "دلتا للطيران" لضمان استخدام وقود الطائرات المستدام بنسبة 10%.
وحددت كل من "دلتا إيرلاينز" و"يونايتد إيرلاينز" هدفًا يتمثل في إنشاء أساطيل طائرات خالية من الانبعاثات بحلول عام 2050 حاليًا، لا تتجاوز نسبة استخدام وقود الطائرات المستدام من إجمالي وقود الطائرات الذي تستخدمه يونايتد 100%.
وتشكل شركات "بوينج" و"إيرباص" و"داسو" للطيران و"جنرال إلكتريك" للطيران و"برات آند ويتني" التابعة لشركة "آر تي إكس" و"رولز رويس" و"سافران" جزءاً من "مجموعة العمل 13" (WG13) التابعة للمجموعة الدولية للبيئة الفضائية، وهي المجموعة المكلفة بدراسة تأثير استخدام 100% من الوقود الحيوي المتنقل على أنظمة الطيران.
وبقيادة شركة "بوينج"، ستقوم "مجموعة العمل 13" بتنسيق جهود اختبار وقود الطائرات المستدام، والتوصية بأفضل الممارسات ودراسة التحول إلى وقود الطائرات المستدام بنسبة 100%، والعمل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين مثل المطارات وموردي الوقود للتحقيق في الدعم الضروري مع تحرك الصناعة نحو مستقبل خالٍ من الانبعاثات.
ولا يكفي، بالنسبة لبعض الشركات، اعتماد عمليات تصنيع منتجات أكثر استدامة. بل إنها تمضي قدمًا في تطوير منتجات تجعل العالم من حولها أكثر استدامة أيضًا.
وفي حين أن المنتجات المادية لا تزال تشكل أجزاء حيوية من أعمال شركة "جون ديري"، فقد تزايدت البصمة التكنولوجية للشركة على مدى العقد الماضي، لتشمل كل شيء بدءًا من أنظمة القيادة الذاتية للجرارات في الحقول إلى تكنولوجيا التصنيف الدقيق المستخدمة في بناء الطرق في المستقبل.
وفي إطار تعاون حديث بين "جون ديري" ومزارعي العنب في مقاطعة "سونوما"، تم تجربة تقنية الرش الدقيق Smart Apply، التي تستخدم بيانات دقيقة تُمكّن المزارعين من رش المواد الكيميائية والماء بدقة أكبر، مما يُقلل بشكل كبير من جريان المواد الكيميائية، والانجراف الجوي، وهدر المياه.
وأظهرت نتائج الشراكة توفيرًا في التكاليف ناتجًا عن استخدام مواد أقل وزيادة في الكفاءة، وفقاً لتقرير "نيوزويك".
تتمتع شركة "كوجنيزانت" لحلول التكنولوجيا بمجموعة واسعة من المنتجات، من بينها خدمات وحلول استشارية في مجال الاستدامة، وهي نهج مصمم خصيصًا لمساعدة الشركات على تحقيق أهدافها البيئية.
تشمل الحلول الرقمية للشركة التعلم الآلي، واستخراج البيانات، والتوائم الرقمية، والأتمتة الروبوتية. وهذا يُسهّل تتبع عمليات الشركة التجارية، مما يُتيح اكتشاف فرص للكفاءة والتحول إلى الأخضر في جميع جوانب بيئة الأعمال، بما في ذلك دورات المنتجات وسلاسل التوريد.
وفي قطاع النقل، يُمكن استخدام تقنية "كوجنيزانت" لمساعدة مُشغّلي الأساطيل. فمن خلال البيانات والتحليلات الرقمية المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي، يُمكن لهؤلاء المُشغّلين إدارة استخدام الأسطول بما يُمكّنهم من خفض انبعاثات الكربون.
قامت شركة "بورغوارنر"، إحدى أبرز موردي السيارات من الفئة الأولى، بتحويل محفظة أعمالها نحو حلول النقل المستقبلية الصديقة للبيئة.
ويوضح تقرير الاستدامة لعام 2024 للشركة هدفها المتمثل في الحفاظ على غالبية إيراداتها من المركبات الكهربائية والمنتجات المُخفِّضة للانبعاثات.
وفي حين يقدم المورد حاليًا عددًا من المنتجات المرتبطة بمحركات الاحتراق الداخلي، بما في ذلك الشواحن التوربينية ووحدات الدفع الرباعي ووحدات التحكم في المحرك ومنافذ الدخول، فإنه يعمل أيضًا على تطوير وتصنيع العاكسات وأنظمة الإدارة الحرارية ومحركات الدفع الكهربائية وأنظمة البطاريات المستخدمة في المركبات الهجينة والكهربائية.
وتسعى الشركة جاهدةً لتحقيق هدفها المتمثل في أن تصبح شركةً خاليةً من الكربون بحلول عام 2035، من خلال مجموعةٍ من المنتجات قيد التطوير، والتي تُسهم في تحقيق هذا الهدف. على سبيل المثال، من المتوقع أن تكون بطاريات الجيل التالي أكثر كفاءةً وعمرًا أطول.
وتستثمر الشركة أيضًا في قواها العاملة. ويُعيد برنامج "القوة للتطور" التابع لشركة "بورغ وارنر" تدريب مهندسيها الذين عملوا على مكونات محركات الاحتراق الداخلي للعمل على منتجات المركبات الكهربائية مثل العاكسات والبطاريات والمحركات الكهربائية.
في أبريل/ نيسان 2024، أطلقت شركة (CSX) أول قاطرة تعمل بالهيدروجين، بعد عام واحد فقط من إعلانها عن تعاونها مع شركة Canadian Pacific Kansas City (CPKC) في تطوير هذه التقنية.
وقامت شركة (CSX) بتعديل قاطرة ديزل موجودة لتشغيل تقنية خلايا وقود الهيدروجين باستخدام مجموعة تحويل طورتها شركة (CPKC).
وفي نهاية المطاف، تخطط شركة (CSX) لبناء 20 وحدة ونشرها في وقت واحد لمدة عام واحد، وجمع البيانات التي يمكن تحليلها لتحديد مدى جدوى الوقود للاستخدام على نطاق واسع.
ليست شركة (CSX) وحدها. فقد أجرت شركة "سييرا نورثرن" للسكك الحديدية مؤخرًا أول اختبار ناجح لها لمحول يعمل بالهيدروجين، وتعتزم مواصلة اختبار هذه التقنية حتى نهاية عام 2027.
وعلى عكس الوحدات التي تعمل بالديزل، لا ينبعث من وسائل النقل العاملة بخلايا وقود الهيدروجين سوى بخار الماء.
