قبل نحو 56 مليون سنة، شهدت الأرض ارتفاعًا مفاجئًا في درجة حرارتها، حيث ارتفعت الحرارة العالمية بنحو 6 درجات مئوية خلال نحو 5000 عام، مصحوبة بزيادة كبيرة في كمية الكربون في الغلاف الجوي.
وأظهر بحث حديث نُشر في مجلة Nature Communications أن إحدى أبرز العواقب كان تأثير هذا الاحترار على النباتات، التي فقدت قدرتها على النمو وامتصاص الكربون بشكل كافٍ؛ ما أسهم في استمرار موجة الحر الكوكبية لفترة تزيد على 100 ألف عام.
تلعب النباتات دورًا أساسيًّا في تنظيم المناخ من خلال عملية احتجاز الكربون، حيث تمتص ثاني أكسيد الكربون أثناء التمثيل الضوئي وتخزنه في الأوراق والأخشاب والجذور.
لكن الاحتباس الحراري المفاجئ قد يعطل هذه الوظيفة مؤقتًا، كما حدث خلال حدث الحد الأقصى الحراري في العصر الباليوسيني-الإيوسيني (PETM).
ولفهم كيفية استجابة النباتات، طوَّر الباحثون نموذجًا حاسوبيًّا لمحاكاة تطور الغطاء النباتي ودورة الكربون، مقارنة مع بيانات حبوب اللقاح الأحفورية من ثلاثة مواقع: حوض بيغهورن بالولايات المتحدة، بحر الشمال، والدائرة القطبية الشمالية.
وأظهرت البيانات أن النباتات في المناطق المعتدلة واجهت صعوبة في التكيف، مع تحول الغطاء النباتي نحو أنواع أصغر حجمًا مثل النخيل والسراخس، وزيادة كثافة الأوراق، وتراجع الأشجار المتساقطة الأوراق؛ ما قلل قدرة التربة والكتلة الحيوية على تخزين الكربون.
في المقابل، شهدت المناطق القطبية الشمالية زيادة في ارتفاع الغطاء النباتي والكتلة الحيوية، مع استبدال غابات الصنوبريات بأنواع مستنقعات عريضة الأوراق، واستمرار بعض النباتات شبه الاستوائية، مثل: النخيل؛ ما يشير إلى قدرة هذه المناطق على التكيف حتى مع ارتفاع درجات الحرارة.
تشير النتائج إلى أن تعطيل الغطاء النباتي خلال تلك الحقبة قلل احتجاز الكربون لمدة 70 إلى 100 ألف عام؛ ما يعكس محدودية قدرة النباتات في خطوط العرض المتوسطة على التكيف مع الاحترار العالمي الذي تجاوز 4 درجات مئوية.
ويحذر العلماء من أن الاحترار الحالي الناجم عن النشاط البشري يحدث أسرع بعشر مرات مقارنة بما حدث قبل ملايين السنين، ما يقلص الوقت المتاح للنباتات والأنظمة البيولوجية للتكيف.