في قلب ساحة الكونكورد الباريسية، حيث تقف "مسلة الأقصر" شامخة منذ قرون، ظهر لغز جديد يُعيد فتح دفاتر التاريخ من أوسع أبوابه.
وتحمل "المسلة" التي نُقِلت من مصر إلى فرنسا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، رموزاً هيروغليفية على جدرانها لطالما حيّرت الباحثين. ولكن الجديد اليوم جاء من اختصاصي علم المصريات الفرنسي، الدكتور "جان غيوم أوليت بيليتييه"، الذي أعلن عن اكتشاف "سبع رسائل سرية" خفية داخل نقوش المسلة.
الاكتشاف لم يكن محض صدفة
خلال فترة الإغلاق الناتجة عن جائحة "كوفيد-19"، استغل الدكتور بيليتييه فرصة نادرة للوصول إلى قمة المسلة، بعد أن تم نصب سقالات لإجراء عمليات تجديد استعداداً لدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024. ومن هناك، بدأ بإجراء قياسات دقيقة وتحليلات متعمقة لم تكن ممكنة سابقاً.
وكان ما وجده الدكتور بيليتييه "صادماً" بحسب وصفه، حيث اكتشف عبارات رمزية وشفرة موجهة إلى نخبة المصريين القدماء، تُستخدم كلغة مقدسة "للتواصل مع الآلهة".
إحدى هذه العبارات الغامضة تقول: "استرضاء قوّة لآمون". ويشير هذا النقش إلى طقوس تقديم القرابين، والتي كانت تُعتبر عنصراً أساسياً لاستمرار الحياة والطاقة الكونية في الفكر المصري القديم.
وتعود المسلة، المصنوعة من الغرانيت الأحمر، إلى أكثر من "3000 عام"، وقد نُحتت في عهد الفرعون "رمسيس الثاني". ومنذ وصولها إلى باريس، كانت محط أنظار المختصين، الذين يؤكدون أن هذا الاكتشاف يفتح باباً جديداً لفهم أعمق لتاريخها.
اللافت أن هذا الكشف لا يتوقف عند حدود باريس. فالدكتور بيليتييه يرجّح أن "المسلة التوأم" الموجودة أمام "معبد الأقصر" في مصر قد تخفي بدورها رسائل مشابهة، ما يجعلها هدفاً محتملاً للدراسة في المستقبل القريب.
ومن المقرر نشر الورقة البحثية الكاملة لهذا الاكتشاف في مجلة "ENIM" المتخصصة في علم المصريات، الصادرة من "مونبلييه"، لتوثيق الرسائل السبع التي تم التعرف عليها.
بين الغموض والعلم، تقف مسلة الأقصر الآن لا كقطعة حجر فقط، بل كـ"مخطوطة سماوية" تنتظر من يقرأ ما بين نقوشها.