يحافظ شهر رمضان المبارك في جيبوتي، على خصوصيته وطقوسه المتوارثة والمتنوعة بتنوع الثقافات المحلية التي تجمع السكان في المساجد لأداء الصلوات بشكل جماعي، قبل أن يتفرقوا حول الشاي والقهوة.
فالبلد الأفريقي المسلم، يتشكل سكانه من قوميات ثلاث: الصومالية، والعَفَرية، والعربية، وهو ما ينعكس في نهاية يوم الصيام بعد تناول وجبة إفطار، حيث يفضل العَفريون المنحدرون من إثيوبيا، بلد البن الشهير، القهوة على الشاي الذي يرتبط بشكل وثيق بالصومال.
ويشهد رمضان في جيبوتي اهتماماً وتفاعلاً من قبل الجيبوتيين، حيث يزيد الإقبال على المساجد بشكل لافت، وتقام الموائد الجماعية التي تستهدف الفقراء والمحتاجين بصورة رئيسة.
وتحرص كثير من المساجد في جيبوتي، على قراءة الإمام لجزء كامل من أجزاء القرآن الكريم الثلاثين، ليختموا الكتاب في نهاية آخر صلاة تراويح تقام في الشهر الفضيل.
ويدين غالبية السكان بالإسلام، بجانب خصوصية دخول الإسلام إليهم بشكل مبكر مع أولى قوافل المسلمين التي جاءت إلى الحبشة في عهد النبوة، لتنتشر بعد ذلك الدعوة الإسلامية في كل دول القرن الأفريقي.
وفي أسواق جيبوتي، تنعكس مظاهر رمضان في إغلاق محال الطعام أبوابها طوال النهار، قبل أن تفتح عصراً، وتبدأ بإعداد وجبات الطعام قبل موعد الإفطار، وتلبية طلبات زبائنها.
وتجمع المائدة الجيبوتية في رمضان، السكان حول عدد كبير من المأكولات والوجبات التي تمثل التنوع الثقافي في البلاد، مع التشابه الكبير بين ثقافة القوميتين العَفَرية والصومالية.
وتشكل السمبوسة الجيبوتية أحد مظاهر الوحدة على المائدة، لا بل تجمع تلك الوجبة الجيبوتيين بكثير من الشعوب في المنطقة التي تحضر السمبوسة على موائدها الرمضانية أيضاً.
كما تضم المائدة الجيبوتية فطائر "باجية"، وهي تتكون من الفاصوليا الصغيرة المنقوعة في الماء ليلة كاملة، ثم تطحن في خلاط، يضاف لها بصل وكزبرة، وفلفل أخضر، مع ملح خميرة فورية، وتجمع وتقلى في الزيت على شكل كويرات.
ومن قائمة الوجبات الصومالية المنشأ، هناك "اللحوح الصومالي" والمكرونة باللحم، ومن المطبخ اليمني، حيث ينحدر كثير من عرب جيبوتي، هناك "الزربيان اليمني" و"الشفوت" الذي لا تخلو منه أي مائدة إفطار في رمضان.
ومن اللافت أن السمك الذي يعد وجبة رئيسة في جيبوتي طوال السنة، يغيب بشكل لافت عن موائد رمضان، قبل أن يعود صبيحة يوم العيد، حيث يسود اعتقاد بأن تناوله يسبب العطش للصائمين.
ولا يغيب طبق رمضان عن الجيران والأقارب في جيبوتي، فيما يتميز البلد الساحلي المطل على مضيق باب المندب، بإفطارات البحر التي تجمع العائلات للإفطار في الهواء الطلق.
وتنتهي وجبة الإفطار وفترة صلاة التراويح، لتبدأ فترة المشروبات الساخنة التي تحضر معها الحلويات، فبجانب الشاي المطيب بالقرفة والهيل، والقهوة الإثيوبية ذائعة الصيت، تحضر فطائر "الخمير" و"مخبزة"، وعدد آخر من الحلويات المحلية.
يُشار إلى أن عدد سكان جيبوتي يقدّر بنحو مليون نسمة، وتحيط بها إرتيريا، وإثيوبيان والصومال، ومن الشرق، البحر وخلفه اليمن على الضفة الأخرى لمضيق باب المندب.