لم يكن فوز فيلم "القصص" بجائزة "التانيت الذهبي" أخيرا ضمن فاعليات مهرجان "أيام قرطاج السينمائية" ضربة حظ أو اختيارا عشوائيا، وإنما نتيجة طبيعية لعدة عوامل تجعل من العمل يحظى بكثير من التميز والخصوصية.
يتجلى ذلك بداية من اسم الفيلم الذي جاء بسيطا للغاية، يدعو للتأمل ويثير توقعات مدهشة رغم ان المفردة نفسها تبدو للوهلة مستهلكة في الحياة اليومية ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لكن صناع العمل قدموها بطريقة جديدة.
جاء الملصق الدعائي "البوستر" للفيلم مختلفا عن السائد ويغرد خارج السرب، فنحن أمام ما يشبه صورة عائلية التُقطت لعائلة في حقبة الستنينات أو السبعينيات من حيث الملابس القديمة وخلفية الصورة المأخوذة في استديو تصوير قديم من النوعية التي كانت تضع ورق حائط يحمل زهورا وأشجارا في الخلفية.
خلق الفيلم حالة من الحنين إلى حقب زمنية ولّت وطواها النسيان، لكنها لا تزال عالقة في أذهان من عاشوها، كما أنها تثير فضول الجيل الجديد الذي يرى في الأمر ما يستحق عناء الاستكشاف.
على مستوى المضمون، يؤكد العمل على هذه الحالة من الحنين عبر قصة حب كلاسيكية تجمع بين اثنين من هواة المراسلة البريدية القديمة، أحدهما شاب مصري يهوى العزف على البيانو هو أحمد، وبين صديقته النمساوية "ليز" التي تشجعه على الهجرة إلى فيينا ليبدأ مرحلة جديدة في حياته.
اللافت أن هذا الخيط الدرامي الرئيسي هو نفس قصة الحب التي جمعت بين والد ووالدة مخرج العمل أبو بكر شوقي، ما أكسب الشريط السينمائي الكثير من الحميمية والصدق على مستوى الطرح وتحويل الأفكار إلى تتابع بصري على الشاشة.

تمتد المساحة الزمنية للفيلم بين عامي 1967 حتى 1984 وتكشف عن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مر بها المجتمع المصري في تلك الحقبة، فضلا عن طرح العلاقة بين الشرق والغرب من منظور رومانسي عاطفي.
والفيلم بطولة نيللي كريم، أمير المصري، صبري فواز، كريم قاسم، فضلا عن مشاركة النجمة النمساوية المعروفة فاليري باشنر.