logo
منوعات

"مئة عام من العزلة".. هل جاء المسلسل على قدر الرواية العالمية؟ (فيديو)‎

"مئة عام من العزلة".. هل جاء المسلسل على قدر الرواية العالمية؟ (فيديو)‎
بوستر فيلم مئة عام من العزلةالمصدر: IMDb
06 يناير 2025، 7:08 ص

حين أصدر الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارثيا ماركيث الذي رحل عن عالمنا في 2014 روايته "مئة عام من العزلة" عام 1967 لم يكن يخطر بباله أن تباع بأكثر من 30 مليون نسخة وتُترجم إلى نحو 30 لغة وتصبح إحدى روائع الأدب العالمي. 

الكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارثيا ماركيث

واللافت أن ماركيث رفض طوال حياته بيع حقوق تحويل النص إلى فيلم سينمائي، متمسكاً بتحفظه الأساسي وهو أن العمل طويل ومركب ويغطي حياة 7 أجيال من البشر توالت على قرية معزولة في أمريكا اللاتينية هي قرية "ماكوندو" ومن ثم يصعب الإمساك بكل هذه التفاصيل في فيلم واحد. 

للوهلة الأولى، تبدو تلك الرؤية صائبة وتمتلك الكثير من الوجاهة، وربما كانت هي السبب وراء تلك الحالة من "القلق" و"عدم الارتياح" التي انتابت محبي ماركيث حول العالم ممن خشوا على أيقونة كاتبهم المفضل وجوهرته الأهم، حين علموا أن شبكة "نتفلكس" شرعت في إنتاج عمل درامي مأخوذ عن الرواية بعد حصولها على الحقوق من الورثة. 

جاءت المعلومات المتاحة حول مسلسل "مئة عام من العزلة" منذ اللحظة الأولى واعدة للغاية حيث استغرق التحضير له 5 سنوات، وجرى التصوير في مواقع متعددة بكولومبيا لضمان الأصالة والدقة في تقديم البيئة التي تصورها ماركيز في روايته.

أيضا كان لافتاً مشاركة أكثر من 20 ألف ممثل ثانوي، عبر 15 موقع تصوير مختلفة، مع طاقم تمثيل كولومبي؛ ما يعزز من مصداقية ارتباط العمل بالثقافة المحلية.

ولا يزال البعض يتذكر حتى الآن يوم أن عرض المنتج الأمريكي هارفي واينستين على ماركيث عام 1994 تحويل روايته الأشهر إلى فيلم من صناعة هوليوود، فأجابه الكاتب الكولومبي: "وحدها مائة ساعة سينمائية ربما تَفي هذه الرواية حقّها". 

ولكن بعد مشاهدة المسلسل، بدأ عشاق الرواية يتخلون عن مخاوفهم وتحفظاتهم بعد أن وجدوا أن قسطاً كبيراً منها أمكن اختزاله بسلاسة في 8 حلقات فقط، لا تزيد الحلقة الواحدة منها على ساعة، على نحو لم يخل بمضمونها ولم يطمس رؤيتها الأساسية في النظرة إلى الإنسان والعالم والوجود، في ظل توقعات بوجود موسم ثان. 

واستطاع صناع العمل، لا سيما المخرجين أليكس غارسيا ولورا مورا أورتيغا، فضلاً عن طاقم التمثيل مثل ماركو أنطونيو غونزاليس في دور "خوسيه أركاديو بوينديا"، وسوزانا موراليس في دور زوجته "أورسولا إيغواران"، الحفاظ على روح العمل وجوهره الأعمق باعتباره يحاكي نشأة الحضارة ورحلة الإنسان على الأرض. 

أخبار ذات علاقة

روبوت

مستوحى من فيلم شهير.. "روبوت خارق" لمساعدة المصابين بالشلل

وهكذا يفكر "بوينديا" في إقامة مجتمع مثالي على طريقة المدينة الفاضلة فيهجر مجتمعه القديم ويصطحب زوجته وعشيرته وابنه الوليد ويؤسس قرية "ماكوندو" على شاطىء النهر، لتكون محكومة بالأخوة وعدم الفوارق والتكاتف. 

صور من كواليس الفيلم

سرعان ما تنهار تلك الفضائل مع مجيء الجيل الثاني، ثم الثالث حيث تظهر الانقسامات والانشقاقات، ويتقاتل الأخوة وتتفكك العائلات، وتدب الغيرة بين الشقيقات، وتفقد الأم الحازمة السيطرة على بيتها. 

ويهمل "بوينديا" بيته وأولاده وينجرف وراء سحر المعرفة والاكتشاف وتلمس آثار الخالق، ثم تتفاقم الأوضاع مع وصول طلائع السلطة الممثلة في الحاكم مع قوة من الجيش لفرض الأمن والنظام. 

يبرز المسلسل عبر زوايا التصوير الرائعة والموسيقى، التي تتنوع بين الخفوت والإيقاع الصاخبة ذات الطابع البدائي، كيف تخلى الإنسان عن فطرته واستباحته الشهوات والعنف ثم الحروب المندلعة بين المعارضة المسلحة والسلطة. 

وجاء المسلسل بمثابة ترجمة بصرية ممتعة للنص الروائي من خلال استخدام تقنية الراوي الذي يعلق على الأحداث، وكذلك كثرة مشاهد التصوير الخارجي والالتزام قدر المستطاع بلغة وتشبيهات ماركيز الآسرة. 

حافظ العمل الدرامي على روعة الجملة الافتتاحية الشهيرة التي بدأ بها ماركيث روايته والتي تقول :"بعد سنواتٍ عدة، وأمام مشهد الإعدام رمياً بالرصاص، يتذكر العقيد أوريليانو بوينديا، ابن خوسيه أركاديو، بعد ظهر ذلك اليوم البعيد عندما اصطحبه والده لاكتشاف الثلج".

أخبار ذات علاقة

بوستر فيلم قطار الأطقال

"قطار الأطفال".. دراما البراءة والجوع في فيلم إيطالي (فيديو)

كما حافظ المسلسل على فكرة البناء الدرامي للرواية والتي تبدأ عبر مشهد إعدام البطل، ثم استخدام تقنية "الفلاش باك"، أو الرجوع إلى الخلف،  لنتعرف على بداية القصة.

ومن أمثلة العبارات التي لا تٌنسى في الرواية وحافظ عليها المسلسل حرفياً حتى يستفيد من طاقتها الشاعرية وعمقها الفلسفي ما قالته الأم لابنتها وهى تلملم أشياءها لتهرب إلى مجتمعها الجديد: "بغض النظر عن المكان الذي تركضين إليه، فلن تتمكني أبداً من الهروب من القدر الحقيقي". 

والأهم أن المسلسل حافظ على أهم سمات أدب ماركيث عموماً وهي سمة "الواقعية السحرية" والتي يُقصد بها مزج الحياة اليومية بالخيال على نحو مذهل، فنجد أنفاس بعض الأشخاص وآهاتهم ترج بيوت القرية رجاً، كما نطالع قصة صبية تأكل الطين كلما مرت بنوبة حزن أو غضب، فضلاً عن رب أسرة تربطه عائلته إلى جذع شجرة في فناء البيت سنوات عدة حتى تسيطر على نوبات هياجه العصبي. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC