علق عدد من المثقفين التونسيين على الندوة التي أقيمت في بلادهم بعنوان "مكانة المرأة في المجتمع الحديث: التجربة الإيرانية والتجربة التونسية"، بمشاركة عدد من الإيرانيات أمس الأحد والتي أثارت جدلًا واسعًا في البلاد.
واعتبر المثقفون أن "نساء تونس حققن إنجازات باهرة عربيًّا على مستوى تحرير المرأة، ولا يمكن مقارنة الإنجاز التونسي بما يحدث في إيران التي تعاني انتكاسةً في هذا السياق"، على حد تعبيرهم.
وأثارت الندوة التي جاءت في سياق "الأسبوع الثقافي التونسي الإيراني" والذي تستمر فعالياته حتى الـ12 من فبراير الحالي ردود فعل غاضبة في الأوساط الثقافية والحقوقية والنسوية التونسية، التي أبدت استغرابها من هكذا عنوان.
"سياق رسمي"
وقال الناقد والأكاديمي التونسي الدكتور محمد زروق إنه "صعب للغاية أن يتقبل المجتمع الثقافي التونسي تنظيرًا في حقوق المرأة قادمًا من منصة معروفة بقمع النساء وتكبيلهن"، مشيرًا في تصريح خاص إلى "إرم نيوز" إلى أن "تلك الفعالية جاءت في سياق رسمي وهو ما كان مستغربًا"، على حد تعبيره.
وأضاف "لو أتت تلك الندوة في إطار المجتمع المدني بعيدًا عن السياق الرسمي، لأمكن تفهمها والتعاطي معها ولو بشيء من التحفظ".
"تبييض وجه"
واعتبر الكاتب الروائي والإعلامي التونسي كمال رياحي أن "إيران تحاول عبر مركزها الثقافي بتونس تخريب المشهد الثقافي التونسي من خلال استمالة عدد من الفنانين في المسرح والسينما والتسلل الى المؤسسات الثقافية بشكل أو بآخر"، لافتًا في تصريح إلى "إرم نيوز" إلى أن "الأمر بدأ بعد الانتفاضة التونسية عام 2011 من خلال تنظيم لقاءات فكرية تدعي مقاربة الثورتين التونسية والإيرانية".
وأضاف رياحي، صاحب مبادرة "بيت الخيال" التي تعد تجمعًا للأدباء العرب في كندا والغرب، أنه "من الواضح أن طهران ترغب في إيجاد موطِئ قدم لها في تونس من خلال استقطاب مجموعة من الصحافيين والفنانين وموظفي وزارة الثقافة لتنظيم هكذا لقاءات وتبييض وجه النظام الإيراني ونشر التشيّع عبر الجمعيات الأهلية".
وتابع"أي علاقة يمكن أن تجمع تجربة المرأة التونسية بتجربة المرأة الإيرانية؟ مجرد التفكير في الأمر مضحك ومن المعروف أن المركز الثقافي الإيراني في تونس يمتلك أجندة سياسية ويعمل على إغراء المبدعين والمثقفين الشباب بالسفر إلى الجمهورية الإسلامية والمشاركة في تظاهرات للشعر والمسرح والسينما، مقابل أن يتحولوا هم أنفسهم الى سفراء لإيران يخدمون المد الشيعي في تونس".
ردود الأفعال
وتفاعل مثقفون ونشطاء تونسيون عبر مواقع التواصل مع الواقعة التي اعتبروها بمثابة "سقطة في مسيرة العمل النسائي بالبلاد والذي جعل من تونس مثالًا تحذو بقية البلاد العربية حذوه على هذا الصعيد"، مؤكدين أن "تونس يجب أن تتعظ مما حدث لدول أخرى سمَحَت لإيران بالتوغل في عمق مؤسساتها الفكرية".
وتداول مثقفون عبر منصات التواصل نص الرسالة التي بعث بها "اتحاد الصحفيين والكتاب العرب في أوروبا" لأمينة الصرارفي، وزيرة الشؤون الثقافية التونسية، وتطالب بإلغاء الأسبوع الثقافي الإيراني في تونس.
وجاء في الرسالة "في الحقيقة لقد علمنا بتنظيم أسبوع ثقافي إيراني في بلدكم العزيز، وكان موضع استغراب منا، ومن الكثير من المثقفين والأدباء والكتاب والشعراء التوانسة، نظرًا لِما يحمله المشروع الإيراني من مخاطر أمنية وسياسية وثقافية على المجتمعات العربية التي تتجانس فيما بينها بالثقافة والعادات والتقاليد التي أسهمت في بروز الحضارة العربية الإسلامية".
وأضافت الرسالة "لم يعد خافيًا على أحد المآسي الاجتماعية والوطنية التي حدثت نتيجة التدخل الإيراني تحت مسميات ثقافية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وما تحتويه المطبوعات الإيرانية من افتراءات وأكاذيب تستهدف زرع الشقاق بين أبناء المجتمعات العربية".
وتابعت الرسالة "نطالب بإلغاء هذا الأسبوع المشؤوم الذي سينال من قيم المجتمع التونسي الذي نعتز به جميعًا".