صحة غزة: الهجمات الإسرائيلية في الساعات الـ24 الماضية قتلت 68 شخصا وأصابت 362 آخرين
من شرفتها في الطابق التاسع المطلة على شاطئ البحر المتوسط في الإسكندرية نظرت إيمان مبروك إلى شريط الرمال الضيق الذي كان يوماً ما شاطئاً واسعاً تلهو عليه عندما كانت طفلة.
وقالت إيمان وفقاً لـ"رويترز"، "البحر شكله اختلف تماماً... الرمال تآكلت جداً، المساحة حوالي 30% من مساحة الرمال التي كانت موجودة قبل ذلك".
اقترب البحر أكثر فأكثر، وزادت الحواجز الخرسانية طولاً، وتصدعت المباني المجاورة للبناية التي تسكن بها إيمان، وتغيرت معالمها.
وأظهرت دراسة أن 40 مبنى ينهار سنوياً في الإسكندرية، ثاني أكبر مدن مصر، مقارنة بمبنى واحد في المتوسط قبل 10 سنوات.
ويبدو أن المدينة العريقة التي نجت من كل شيء بدءاً من القصف البريطاني في ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى الحملات الصليبية قبل عدة قرون تستسلم، الآن، لعدو أكثر دهاءً يتسلل إلى أساساتها.
وترتفع درجة حرارة مياه البحر المتوسط بسبب ظاهرة عالمية ناتجة عن تغير المناخ. ويقول باحثون إن ذلك يؤدي إلى تآكل سواحل الإسكندرية، وإلى تسرب المياه المالحة عبر التربة الرملية مما يزعزع المباني من الأسفل.
ويقول عصام حجي الباحث المتخصص في دراسة المياه بجامعة ثاوزرن كاليفورنيا، والمشارك في إعداد الدراسة التي نُشرت، في فبراير/ شباط، وتصف الأزمة المتنامية في الإسكندرية وعلى طول الساحل بأكمله، "لهذا السبب نرى المباني في الإسكندرية تتآكل من أسفل إلى أعلى".
وقال لـ"رويترز" إن عوامل مجتمعة تتمثل في ارتفاع منسوب مياه البحر المستمر، وهبوط الأرض، وتآكل السواحل، يعني أن ساحل الإسكندرية تآكل بمعدل 3.5 متر سنوياً في المتوسط على مدى السنوات العشرين الماضية.
وأضاف حجي: "بالنسبة لكثير من الناس الذين يعتقدون أن تغير المناخ شيء سيحدث في المستقبل ولا داعي للقلق منه، فهو يحدث في الواقع الآن، وهنا".
ويبعث الوضع في الإسكندرية على القلق بدرجة كبيرة بناءً على ما ورد في الدراسة التي نشرتها دورية (إيرثز فيوتشر) أو (مستقبل الأرض) بعنوان "الارتفاع الحاد في انهيارات المباني على السواحل الجنوبية للبحر المتوسط".
وبالنسبة لإيمان البالغة من العمر 50 عاماً، فإن هذا القلق كان جزءاً من حياتها اليومية على مدى سنوات، واضطرت إلى ترك شقة كانت تعيش فيها عندما حدث ميلٌ في المبنى.
اعترفت الحكومة المصرية بالمشكلة، وتعهدت باتخاذ إجراءات. وتقلل حواجز الأمواج المغمورة في المياه من تأثير الأمواج الساحلية، وتُعيد شاحنات الرمال ملء الشواطئ المُعرضة للتآكل.
وقال محافظ الإسكندرية أحمد خالد حسن إنه جرى إقامة 9 حواجز أمواج خرسانية "كي تحمي الإسكندرية، وتحمي الدلتا من تأثير الأمواج وغمرها للإسكندرية".
وتعمل الحواجز على تهدئة الأمواج، وهي عبارة عن أكوام من الكتل الخرسانية ذات الأشكال الهندسية، وتبرز منحنياتها وخطوطها الواضحة قبالة المباني السكنية المتصدعة وذات الواجهات المتآكلة.
وتحاول السلطات استباق الانهيارات بهدم المباني المعرضة للخطر.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أمام حشد من الناس بينما كان يقف أمام أحد الحواجز الخرسانية، في 14 يوليو تموز، إن هناك حوالي 7500 مبنى صدرت بها قرارات إزالة، ويتطلب الأمر بناء 55 ألف وحدة سكنية جديدة لاستيعاب سكان تلك العقارات.
وقال مدبولي: "مفيش يوم بعدّي إلا إذا كان هناك انهيار سواء أكان جزئياً أو كلياً لواحد من العقارات على الأقل القديمة التي كان صادراً بها قرار هدم".
ويأمل البعض أن تُحدث هذه الإجراءات فرقاً.
وذكرت الدراسة أن حوالي 2% من العقارات السكنية في المدينة -أو حوالي 7 آلاف مبنى- من محتمل أن تكون غير آمنة.
ويتزايد عدد الوافدين إلى الإسكندرية يومياً، ووفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، زاد عدد سكان المدينة تقريباً بمقدار المثل إلى نحو 5.8 مليون نسمة خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، مدفوعاً بإقبال العمالة والزوار على المدينة.
وتشير بيانات جهات متخصصة في متابعة سوق العقارات إلى استمرار ارتفاع أسعار العقارات في الإسكندرية برغم كل المخاطر.