يصادف اليوم 1 أغسطس ذكرى رحيل الفنان المصري سعيد صالح العام 2014، بعد مسيرة حافلة قدّم فيها مئات الأفلام، لكن الكثير منها اتسم بالطابع التجاري وانتمى إلى ما يُسمّى بـ"سينما المقاولات"، وهو ما عَدّه كثيرون هدرًا لقدراته المتفرّدة والاستثنائية كممثل من طراز خاص.
وتعدّدت المشكلات والأزمات على مستوى الحياة الخاصة لصالح، الذي لم ينجح في الحفاظ على الصورة الذهنية التي يُكوّنها الجمهور عنه؛ ما جعل المؤرخين والنقاد الفنيين يجمعون على أنه ظلم موهبته كواحد من "عظماء الضحك" على الشاشة.
وثمّة نظرية يتبنّاها كثيرون بأن موهبة سعيد صالح في الكوميديا لا تقل، إن لم تكن تزيد، عن نظيرتها لدى رفيق دربه وابن جيله "الزعيم" عادل إمام، حيث انفجرت شهرة الاثنين في المسرحية الشهيرة "مدرسة المشاغبين" التي عُرضت للمرة الأولى العام 1971، وكانت بمثابة شهادة ميلاد فني لهما.
وتتردّد طوال الوقت المقارنة بين الاثنين بقوة؛ ففي حين أدار عادل إمام موهبته بكفاءة، ونأى بنفسه عن المشكلات، ووضع كلّ طاقته في التمثيل ولا شيء سواه، مع التدقيق الشديد في اختياراته الفنية؛ عرف صالح طريق الأزمات، ولم تكن جميع أدواره تتوافق مع بدايته الاستثنائية.
وقدّم سعيد صالح عددًا من كلاسيكيات السينما المصرية مع عادل إمام مثل: "المشبوه"، "على باب الوزير"، و"سلام يا صاحبي".
تعرّض للسجن مرّات عديدة، منها مرتان بسبب المخدرات في عامي 1991 و1996؛ كما سُجن في عام 1981 بسبب تعليق اعتُبر أنه "يحمل إيحاءات سياسية"، أطلقه في مسرحية "لعبة اسمها الفلوس"، ضمن مواقف الارتجال والخروج عن النص التي اشتهر بها على خشبة المسرح.
أطلق عليه الجمهور لقب "سلطان الكوميديا" نظرًا لبراعته في تقديم شخصية "سلطان" الشهيرة في مسرحية "العيال كبرت" مع حسن مصطفى، وكريمة مختار، وأحمد زكي؛ حتى إن "الإفيهات" و"التعبيرات الساخرة" التي قالها في هذا العمل لا تزال حاضرة بقوة لدى جيل منصات التواصل الاجتماعي حاليًا.
وُلد سعيد صالح العام 1940 لأسرة بسيطة؛ حيث كان أبوه موظفًا محدود الدخل بشركة الغاز، لكنه حرص مع ذلك على أن ينال ابنه نصيبه من التعليم الجامعي الراقي، فتخرّج في كلية "الآداب" بجامعة القاهرة.
اشتهر بخفة ظله وتلقائيّته الشديدة التي كانت توقعه في العديد من المشكلات؛ فضلًا عن حضوره الطاغي على الخشبة، وبراعته في انتزاع الضحك من المشاهد بأقل مجهود.
من أبرز أعماله أفلام: "الصبر في الملاحات"، "المشاغبون في الجيش"، "قصة الحي الغربي"، "الرصاصة لا تزال في جيبي"، "في الصيف لازم نحب"، و"بمبة كشر". أما في عالم الدراما التلفزيونية، فقد قدّم مسلسلات عديدة منها: "أحلام الفتى الطائر"، "المصراوية"، و"دموع في حضن الجبل".