في زمن تتغير فيه الوسائل وتبقى الدوافع كما هي، وجد المراهقون في مشاركة مواقعهم وسيلة للارتباط والشعور بالأمان، لكنها أصبحت أيضًا بابًا للقلق والمراقبة الاجتماعية المستترة.
فبحسب دراسة حديثة من تطبيق "Life360"، فإن جيل "Z" أكثر ميلًا بنسبة 70% من غيره لمشاركة موقعه مع الأصدقاء، بينما يرى 94% منهم أن لذلك فوائد ملموسة في حياتهم.
وتقول الاختصاصية النفسية كاميرون كاسويل، إن مشاركة الموقع "أمر ممتع للمراهقين، يشعرهم بالترابط ويمنحهم شعورًا بالاطمئنان"، مضيفة أن ابنتها تتتبع موقعها أحيانًا فقط لتطلب منها شراء ملمع شفاه أثناء وجودها في متجر مستحضرات تجميل.
ولكن رغم هذا الطابع العفوي، تحذر كاسويل من أن هذه العادة قد تعزز مشاعر الوحدة والخوف من الاستبعاد، أو ما يُعرف بـ"FOMO".
الاختصاصية شيريل غروسكوبف تشير من جهتها إلى أن بعض المراهقين يدخلون في دوامة قلق عند رؤية أصدقائهم في أماكن لم تتم دعوتهم إليها، أو عندما يتأخر أحدهم بالرد رغم ظهوره في المنزل عبر التطبيق. وتؤكد أن الأمر قد يتحول إلى مراقبة عاطفية تحت ستار "الاهتمام"، خاصة عندما يُستخدم لتتبع الحبيب أو الحبيبة.
القلق الأكبر، بحسب الباحثة لي ماكنيس، يكمن في التأثير النفسي طويل المدى، لا سيما عندما يُستخدم هذا التتبع لفرض السيطرة أو بسط النفوذ. وتوضح أن الفتيات هن الأكثر ميلًا للامتثال لهذا النوع من الضغط، حرصًا على "السلام الاجتماعي"، ولو كان على حساب خصوصيتهن.
وتشدد غروسكوبف على أهمية تعليم الأبناء الحدود والخصوصية، قائلة: "التتبع الآمن لا يتحقق إلا بوجود موافقة حقيقية وإمكانية الانسحاب دون خوف أو ابتزاز عاطفي".
وتوصي كاسويل بالحديث مع الأبناء بهدوء حول أسباب استخدامهم لهذه التطبيقات، ومساعدتهم على ضبط إعدادات الخصوصية ومراجعة قائمة من يشاركونهم مواقعهم.
ويشير الخبراء إلى أن تعليم الأمان الرقمي يبدأ من البيت، ومنح الأبناء مساحة للرفض الآمن هو الخطوة الأولى لحمايتهم من التورط في علاقات غير صحية، رقمية كانت أم واقعية.
