قضاء عطلة الصيف فيها يعني ببساطة أنك على موعد مع مغامرة لا تُنسى وأيام من البهجة تتمنى لو طالت أكثر، لتعيش مزيدا من الأوقات في رحاب شواطئ رملية بيضاء تبدو مثل سجادة عملاقة ناعمة ومياه فيروزية تمتد إلى ما بعد نهاية خط الأفق لتريح عينيك وتحرر ذهنك المجهد من ضغوط لا تنتهي.
تلك هي الغردقة، أقدم مدينة ساحلية في مصر بحسب تصنيفات رسمية، تتألق على ساحل البحر الأحمر مثل حسناء تعد عشاقها الذين يأتونها من كل أنحاء العالم بصيف مذهل يحار السائح في الاختيار بين أنشطته المتنوعة.
يمكنك أن تبدأ يومك في الصباح الباكر بتأمل الطيور النادرة أو ممارسة رياضة اليوغا في المحميات الطبيعية والجزر العديدة التي تعد من أبرز معالم المكان مثل" الجفتون"و"أم قمر" و"مجاويش".
بعد ذلك، لديك فرصة ذهبية لممارسة رياضة الجري أو المشي في الممشى السياحي الشهير بطريق الكورنيش، ثم تتوالى خيارات ترفيهية بلا حدود من اللهو في المدن المائية إلى الغوص رفقة أجمل الشعاب المرجانية أو ركوب الغواصات المائية، لمن لا يجيد الغوص.
وهناك كذلك تسلق الجبال وقيادة عربات "البيتش باجي" وامتطاء الخيول والجمال، فضلا عن رحلات السفاري والتخييم، على نحو يعكس تميز البيئات المختلفة في المدينة والتي لا تعرف التكرار أو الملل.
إبراهيم فاروق، رب أسرة أربعيني ، يقول إنه "جاء من أجل الاستجمام والراحة بصحبة أسرته المكونة من أولاده الصبيان الثلاثة وأمهم بعد عام كامل من إرهاق العمل في وكالته لبيع السيارات المستعملة".
يضيف مازحا في تصريح إلى "إرم نيوز": " اكتشفت أنني لم أعد أمتلك ساعة واحدة للهدوء أو الاختلاء بالنفس، فأولادي في سن النشاط والحركة والطاقة، من 9 إلى 16 عام، وعلىّ أن أجاريهم ما بين الشاطئ والجزر والملاهي المائية وسباقات الصحراء".
وتصف أناليس مولر، سائحة ألمانية، الغردقة بـ" قطعة من الجنة على الأرض"، لافتة إلى أنها " لا تحب المبالغة عموما أو تتعمد تضخيم الأمور، لكن من يرى نعومة الرمال وصفاء الموج وروعة الأعماق حيث عجائب الشعاب المرجانية، فضلا عن هذا الإحساس الفائق بالود الذي يتعامل به المصريون مع ضيوفهم، سوف يعرف أنها حتما لا تبالغ".
رغم أن الغردقة هي عاصمة محافظة البحر الأحمر، إلا أن زوارها أطلقوا عليها لقبا آخر هو "عاصمة الاستجمام"، إذا يكفي أن تتعرض لحمامات الشمس حتى تنسى هموم العالم، أو تدفن نفسك تحت الرمال في طقس استشفائي لمعالجة آثار الرطوبة والروماتويد.
ولا تفوتك رحلات "سيتي تورز" أو "جولات البلد" التي تنظمها شركات متخصصة ويقصد بها التعرف على ملامح المكان وثقافته، عبر التسوق في محلات البازار وأسواق الأسماك المدهشة قرب الميناء البحري، وكذلك إطلالات المدينة البانورامية التي لا يمكن أن تقاوم معها رغبتك في توثيق الذكرى من خلال التقاط الصور الفوتوغرافية.
ورغم أن الترفيه عبر البحر والشواطئ هو البطل الأساس في رحلتك، إلى جانب الرحلات الصحراوية، إلا أن هناك العديد من الأنشطة الموازية التي لا تكتمل رحلتك إلا بها ومنها زيارة متحف الرمال.
يعد أحد عجائب متاحف الشرق الأوسط، فهو يضم تماثيل شديدة الإبهار لشخصيات ومجسمات تاريخية مثل نابليون بونابرت وكليوباترا، وشارك في تشييده عبر 7 أشهر أكثر من 40 فنانا من مختلف دول العالم.
وإذا كان المتحف ينطوي على قيمة ثقافية، فإن معالم المدينة الأخرى تدخلك في قلب الترفيه دون مقدمات كما في "سي وورلد الغردقة" وهو ملهى مائي يضم مراكز صحية، و"أكواريوم الغردقة" و"حديقة الحيوان" و"مارينا الغردقة" التي تضم مرسى اليخوت والمطاعم الفخمة والمباني الأثرية والميناء البحري.
لا تقتصر البهجة في الغردقة على أنشطة الترفيه الشاطئية أو الصحراوية، وإنما تمتد لتشمل عددا من الفعاليات غير التقليدية تنظمها الفنادق وشركات السياحة المختلفة من أجل إبهار السائح وترك انطباع لا يمحى لديه.
يعد مهرجان المانجو واحدا من أجمل الأنشطة التي ستفاجئك في صيف الغردقة بالتزامن مع موسم واحدة من أشهى فواكه الصيف، حيث تُعرض بأشكال مذهلة وتقام حولها المسابقات والجوائز على الشواطئ الرملية.
وهناك أيضا حفلات "الفوم بارتي" ومسابقات "الأكوا بارك" والتي تقام مصحوبة بإيقاعات موسيقية صاخبة ومحببة، فضلا عما يرافقها من استعراضات راقصة قادرة على خطف الدهشة من عيونك.
تمتد المدينة على مساحة 258 كيلومترا وتعد العاصمة الإدارية لمحافظة البحر الأحمر، كما تشغل مساحة 40 كم من الشريط الساحلي للشاطئ الغربي للبحر الأحمر.
تبعد عن القاهرة نحو 470 كم ويمكن الوصول إليها عبر رحلة برية بأتوبيسات فاخرة تستغرق نحو 5 ساعات، أو رحلة بالطيران تهبط بك في مطارها الدولي بعد نحو ساعة من الإقلاع من العاصمة المصرية.