يسعى الفيلم المغربي "2617" إلى الخروج من أسر الموضوعات التقليدية التي تهمين على صناعة السينما العربية وتتركز أساسًا في أعمال خفيفة وكوميدية مع الإثارة والتشويق، حيث قرر صناع العمل المرتقب الذهاب إلى منطقة جديدة ومختلفة.
ولفت الفيلم الأنظار بقوة من خلال مشاركته في العديد من المهرجانات مؤخرًا، حيث يرصد أبعاد وخفايا "المعاناة الصامتة" لمرضى الاكتئاب الحاد والتي قد تدفع الضحايا، في حالة عدم حصولها على الرعاية الطبية اللازمة، إلى الانتحار، متوهمين أن هذه هي الوسيلة الوحيدة للحصول على الراحة والشعور بالأمان.
ويقتحم الشريط السينمائي القصير تلك المنطقة الغامضة والمظلمة من النفس الإنسانية حين تشعر بانسداد جميع الآفاق في وجه صاحبها، وكيف أن إرادة الحياة قد تبرز على السطح في لحظة حاسمة لتجعل المريض يعيد حساباته ويتخذ القرار الصائب بالتراجع عن أفكاره السوداوية.
ويأتي الفيلم بمنزلة جرس إنذار يحذر من تفاقم الأزمة إذا لم ينتبه المجتمع والمؤسسات ذات الصلة في العالم العربي في ظل ثقافة عامة سلبية تستهين بالألم النفسي، بل وتعتبر الاكتئاب نوعًا من الرفاهية، وتنظر بتوجس إلى المرض النفسي وتعتبره "وصمة اجتماعية".

ويشكل عنوان الفيلم عنصرًا أساسيًا من عناصر الحبكة الدرامية، حيث يشير إلى رقم تقريبي لعدد حالات الانتحار المسجلة بالمغرب في إحدى الفترات الزمنية السابقة، بحسب تصريحات أدلى بها مخرج العمل عبد العالي الحراق للصحافة المحلية.
وتتميز أعمال الحراق بالتركيز على الفضاء النفسي والأزمات الداخلية للشخصية، على نحو جعلها تحظى باهتمام في الفعاليات السينمائية المختلفة، ومن أبرزها "المكالمة"، و"صوت الصمت"، و"الغرفة رقم 97".