في عالم التكنولوجيا المتسارعة، قد تبدو القراءة بصوتٍ عالٍ ممارسة تقليدية، لكنها في الواقع واحدة من أكثر الطرق فعالية لتنمية مهارات الطفل الذهنية والعاطفية.
تؤكد الدكتورة أوليسيا تيخونوفا، اختصاصية معالجة النطق في مركز إعادة التأهيل، إنّ هذه الطريقة تنشّط قدرات النطق وتُحفّز الدماغ بطرقٍ لا تحققها القراءة الصامتة.
وتوضح تيخونوفا أنّ القراءة الصامتة تعتمد على الإدراك البصري للنص وتحويله إلى صور وارتباطات ذهنية داخلية، دون تحريك عضلات النطق. أما القراءة بصوتٍ عالٍ، فهي تحرّك عضلات الشفتين، واللسان، والأسنان، والحنك الرخو، ما يخلق تمريناً فعّالاً لهذه الأعضاء ويُكسبها مرونة وقوّة بمرور الوقت.
كما يُسهم التنفّس المصاحب للقراءة في تنشيط الحجاب الحاجز وتعزيز وظائف الجهاز التنفسي. ويؤدي ذلك إلى دعم النطق السليم، خاصةً عند الأطفال الذين يعانون من صعوبات في الكلام أو تأخر لغوي.
لكن الأثر لا يتوقف عند الجانب الجسدي، بل يمتد إلى الدماغ أيضاً. إذ تُفعّل القراءة بصوتٍ عالٍ مناطق إضافية في الدماغ مسؤولة عن معالجة الإشارات الصوتية وبناء الروابط العصبية، ما يُعزز الذاكرة والتركيز.
وتضيف تيخونوفا: "عندما يقرأ الطفل أمام مستمعين، يتعلّم التعبير عن مشاعره بأسلوب مناسب، ويُدرك مشاعر الآخرين من خلال التفاعل مع ردود فعلهم".
وهنا تظهر أهمية الذكاء العاطفي، الذي يُعدّ ركيزة أساسية في مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي.
وتُشدّد الاختصاصية على أنّ هذا النوع من التمارين يُعدّ ضرورياً للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ يساعدهم على تطوير قدراتهم في النطق والتعبير عن الذات.
كما أنّ ردود الفعل الإيجابية من المستمعين ترفع من ثقة الطفل بنفسه وتمنحه شعوراً بأنه مسموع ومُقدَّر.