حزب الله: تحرك مجلس الوزراء اللبناني بشأن خطة الجيش فرصة للعودة إلى الحكمة والتعقل
رغم الجهود النبيلة التي تُبذل هنا وهناك للتأكيد على أن المرض النفسي ليس عيباً، ويجب التعامل معه بنفس جدية التعامل مع نظيره الجسماني، إلا أن شواهد الواقع، وتعليقات منصات التواصل، وتقارير المؤسسات المختصة، تثبت أن بعض العرب لا يزالون يتعاملون مع زيارة الطبيب النفسي باعتبارها "عيباً اجتماعياً" يدعو للخجل.
والمدهش أن هذا الوضع يتزامن مع تكريس صورة الطبيب النفسي في السينما والمسلسلات، على نحو إيجابي وسط قبول ووعي كبيرين لدى المشاهدين، وكأن المواطن العربي يدعم وجود هذا الطبيب النفسي على الشاشة، لكنه يتحرج من زيارته في الواقع.
وتتنوع الأسباب التي تقف وراء هذا الخجل ما بين النظرة المجتمعية والمفاهيم الخاطئة طبياً وعلمياً، ومنها الاعتقاد الخاطىء بأن المرض النفسي يعني خللاً عقلياً جسيماً يضع صاحبه في موضع الجنون.
هذا ما توضحه الدكتورة نهال مجدي رفاعي، استشاري الصحة النفسية، في تصريحات خاصة إلى "إرم نيوز"، مؤكدة أن هناك كذلك من يعتقد أن المرض النفسي يعني ضعفاً شديداً في الشخصية، على نحو فيه إساءة إلى الصورة الذهنية لصاحبه.
والأخطر أن البعض يظن أن المرض النفسي يعني بالضرورة نقصاً في الإيمان والالتزام الديني، كما يعني كذلك أن المريض يصبح فاقداً للأهلية، وتسقط عنه جميع حقوقه القانونية، وقد تصبح زيارته للطبيب المختص معروفة ومعلنة، ويتحول الأمر بالتالي إلى "فضيحة اجتماعية".
وتلعب المفاهيم الخاطئة لحقيقة دور الأدوية والعلاج في المرض النفسي دوراً كبيراً في هذه الأزمة، فهناك من يظن أنه لا لزوم لزيارة الطبيب النفسي لأن العلاج هو مجرد "حكي" و"فضفضة" بين مختص ومريض، وأقصى ما يمكن أن يحدث أن يصف الأول بعض المهدئات للثاني.
وفي المقابل، يتصور كثيرون أن علاج المرض النفسي يتم عبر أدوية تؤدي إلى الإدمان مستقبلاً، وبالتالي يصبح المريض مهدداً بـ"وصمة عار" تطارده مدى الحياة.
وتشير الدكتورة كذلك إلى أن هناك من يعزف عن العلاج النفسي لأنه يظن بالخطأ أنه سيتطلب رحلة طويلة ومضنية من الجلسات الممتدة، كما أن البعض يخلط بين مفهوم النفس والروح، ويعتقد أنهما شيء واحد، وبالتالي يتصور أنه لا جدوى من هذا النوع من العلاج باعتبار أن الروح "سر إلهي".
وتوضح استشارية الصحة النفسية أن التصدي لتلك المفاهيم الخاطئة يكون عبر حملة توعية إعلامية منسقة توضح أن الاضطرابات النفسية حقيقة لا تدعو للخجل، وقد تتطور إلى درجة حادة تتطلب تدخلاً دوائياً أو سلوكياً أو كليهما.
وتستهدف تلك الحملة المضادة المنشودة التأكيد أيضاً على العلاج النفسي لا علاقة له بضعف الوازع الديني أو ضعف الشخصية أو أهلية المريض وحقوقه، مع التشديد على أن خضوع أي مريض لهذا النوع من العلاج تحكمه بروتوكولات الخصوصية والسرية.