ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
مع نهاية الليلة الأولى من عيد الفطر، تستعد نساء عاصمة حضرموت القديمة، لإعداد السحور وتهيئة أسرهنّ للصيام مجددًا، في عادة دينية وروحية متوارثة، تتفرد بها مدينة "تريم"، رغم انقضاء رمضان.
في نهار الثاني من شهر شوال، تخلو شوارع المدينة "الصائمة" من المارّة، في ظل إغلاق غالبية المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي، حتى اقتراب ساعات المساء، وسط أجواء رمضانية، لا يريد السكان انتهاؤها.
ويعود تاريخ "تريم" إلى القرن الرابع قبل الميلاد، حين كانت مقرا لملوك قبائل "كندة" قبل ظهور الإسلام، واليوم تُعرف بأنها "مدينة العلم والعلماء"، نظرا لدورها الريادي في الحركة العلمية الدينية ليس على مستوى اليمن فحسب، بل باتت مقصدا لكثير من طلاب العلم القادمين من أنحاء متفرقة من العالم، مع تعدد معاهدها ومدارس العلوم الشرعية.
واعتاد سكان المدينة في تقليد متوارث بين الأجيال المتعاقبة، على صيام ستة أيام متتالية من شهر شوال سنويا، وسط مشاعر إيمانية مليئة بالروحانية، جعلت البعض يسميها بـ"المدينة التي تصوم الدهر".
ويقول الباحث التاريخي، أحمد الرباكي، إن التزام غالبية سكان "تريم" بصيام الست من شوال، يأتي من منطلق الطابع الإسلامي المحافظ للمدينة، "وبالتالي يصومونها جماعيا، حتى يعين بعضهم بعضا، ولا يُحرم أحد منهم الأجر العظيم".
وذكر الرباكي في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن ليالي الثاني وحتى السابع من شوال، تكون مشابهة إلى حدّ كبير بليالي شهر رمضان، باستثناء صلاة التراويح، التي يعوض السكان غيابها بتلاوة القرآن الكريم وحلقات الذكر، ثم زيارة الأقارب والأهالي واللقاءات الاجتماعية، وكأن رمضان لا يزال مستمرا لمدة 36 يوما.
ويرى الكاتب خالد بن عمران، أن الصيام الجماعي لسكان "تريم"، يمثّل "ظاهرة تربوية روحية فريدة، تعبّر عن سكانها وتمسّكهم بالثقافة الدينية التي نشؤوا عليها".
مشيرا إلى أن الكثير من العائلات خلال الصيام، تحرص ليلا على دعوة الأقارب والجيران والأصدقاء للتزاور وإقامة بعض الولائم، وتعزيز الروابط المجتمعية.
وبيّن بن عمران، أن الكثير يجد في هذه الليالي فرصة لتهيئة النفس والجسد للعودة إلى الأيام الطبيعية بعد رمضان، من خلال تقليل السهر تدريجيا والاستيقاظ باكرا، حتى لا يواجه أي مشاكل متعلقة بالنوم، يمكنها أن تعيق مساعي الناس في طلب الرزق وتلبية متطلبات الحياة خلال الأيام المقبلة.
عقب إتمام الصيام، تُستأنف أجواء العيد من جديد صبيحة الثامن من شوال، فيما يسمّى محليا بـ"عيد الست"، حيث يلبس الناس الجديد من الملابس، ويبدؤون بممارسة طقوسهم الدينية الخاصة.
ويشير الناشط المجتمعي، عارف صبيح، إن الأهالي بمشاركة طلاب العلم الوافدين من مختلف بلدان الخارج إلى "تريم"، يقومون بتنفيذ زيارات جماعية لمقامات وأضرحة علماء الدين الذين رحلوا على الحياة، عرفانا بدورهم التنويري والعلمي الذي لا يزال متوارثا حتى اليوم.
وأضاف صبيح في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن هناك زيارات أخرى كبيرة خلال "عيد الست"، تشهد توافدا كبيرا للعلماء والطلاب والسكان، إلى منازل كبريات الأسر العلمية في المدينة، بينها منزل الداعية العلامة، عمر بن حفيظ، رئيس دار "المصطفى للدراسات الإسلامية بتريم، عضو المجلس الاستشاري الأعلى لمؤسسة (طابة) بأبو ظبي".
ولا تغيب الطقوس التراثية، عن هذه المناسبة الجميلة التي تخص "تريم" وحدها، دونا عن مدن العالم الإسلامي، إذ تُنظم فعاليات ثقافية وأمسيات شعرية، تمارس خلالها رقصات شعبية تقليدية، وهو ما يضفي مشاعر البهجة والسرور على الحاضرين.