لطالما اعتُبرت الثعابين مفترسات انفرادية تعتمد على الغريزة، إلا أن اكتشافًا علميًا حديثًا في أحد كهوف كوبا قلب هذا التصور.
وكشفت دراسة نُشرت في دورية سلوك الحيوان والإدراك أن "بوا كوبا" Chilabothrus angulifer تمارس نمطًا نادرًا من الصيد التعاوني المنسّق، يشبه صيد القطعان لدى بعض الثدييات.
ووفقًا للدراسة، رُصدت ثعابين البوا وهي تتمركز بشكل استراتيجي عند مداخل الكهوف، حيث تتقاطع مسارات خروج الخفافيش ليلًا. ولم يكن هذا التمركز عشوائيًا، بل اعتمد على توزيع مدروس وزوايا متقابلة تقلّل فرص هروب الفريسة، ما رفع معدلات الصيد مقارنة بالصيد الفردي. كما عدّلت الثعابين مواقعها استجابة لوجود الأخرى، في سلوك يستوفي معايير الصيد التعاوني.
وسجّل الباحث ملاحظاته على مدى ثماني ليالٍ، شاهد خلالها ما يصل إلى تسعة ثعابين تصطاد معًا داخل كهف واحد. ويشير ذلك إلى وعي مكاني وقدرة على التكيّف السلوكي، بعيدًا عن فكرة التواصل الاجتماعي المباشر، إذ يبدو أن كل ثعبان يدرك أن فرص نجاحه تتحسن بوجود الآخرين.
وهذا السلوك النادر يتحدى الافتراضات القديمة حول محدودية إدراك الزواحف، ويعزز فرضية امتلاكها أنماطًا سلوكية أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد.
وتُعد بوا كوبا من أكبر الثعابين في منطقة الكاريبي، إذ قد يصل طولها إلى نحو خمسة أمتار. وهي ثعابين غير سامة تعتمد على الانقباض لقتل فريستها، وتتميز بقدرات تمويه عالية وحساسية دقيقة للحركة والحرارة، ما يجعلها من أبرز مفترسات بيئتها الطبيعية.