شهدت مناطق جنوب العراق خلال الأيام القليلة الماضية نفوق عدد من الأبقار، وإصابة عدد آخر، بسبب تلوّث وملوحة مياه الأنهار، بالتزامن مع حوادث نفوق جماعي للأسماك أيضًا.
وأعلنت شعبة الزراعة في قضاء الصادق شمال البصرة، أمس الخميس، عن نفوق 11 رأسًا من الأبقار في منطقة "باهلة"، بعد شربها من مياه نهر "الجتف" الملوثة، فيما تعاني أعداد أخرى من أعراض تسمم حاد.
وحذّرت الشعبة المسؤولة عن إحصائيات المواشي والأعلاف والإبلاغ عن أي إصابات، من ارتفاع عدد الأبقار النافقة مع استمرار تلوّث نهر الفرات وفروعه، وفق ما نقلت العديد من وسائل الإعلام المحلية.
وقال مسؤول شعبة الزراعة في قضاء الصادق، نعمة المنصوري، إن "التحقيقات الأولية التي أجرتها اللجنة البيطرية المشتركة، والمشكّلة من وحدة الثروة الحيوانية والمستوصف البيطري في القضاء، تشير إلى أن الماشية النافقة تناولت مياهًا ملوثة؛ ما أدى إلى إصابتها بتسمم حاد وسريع انتهى بموتها".
وأوضح المنصوري، أن "اللجنة قامت بجولات ميدانية فور تلقي البلاغات من الأهالي، وجرى أخذ عينات من المياه وأجهزة الهضم للحيوانات النافقة بهدف تحليلها مختبريًا وتحديد نوعية المواد السامة المحتملة"، وفق موقع "الجبال" الإخباري المحلي.
وأضاف أن "ما حدث لا يمكن التعامل معه كحادثة عابرة؛ نحن أمام أزمة بيئية وصحية تتكرر، وتُهدد مصدر الرزق الأساسي لسكّان المنطقة، الذين يعتمدون على تربية الماشية في حياتهم اليومية".
وطالب المنصوري بتحرك فوري من الجهات البيئية ووزارة الموارد المائية لضمان نظافة مصادر المياه، وتكثيف الرقابة البيئية على مجاري المياه، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة وتراجع مستويات النهر؛ ما يسهّل تركز الملوثات.
ونشرت قناة "السومرية" التلفزيونية العراقية العديد من صور الأبقار النافقة عبر موقعها الإلكتروني، وسط شكاوى من المربين لتعويضهم وتوفير موارد مياه نظيفة وآمنة لمواشيهم.
كما نشرت القناة بيانًا لمكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، صدر أمس الخميس، وقال إن المحافظة تشهد أكبر أزمة شُحّ مياه منذ ما يقارب 80 عامًا.
وقال المكتب في بيانه: "نراقب بقلق بالغ ما وصلت إليه مستويات التلوث وقراءات الملوحة في مركز البصرة؛ إذ بلغت منتصف تركيز مياه البحر، وامتدت نزولًا إلى قضاء أبي الخصيب، إضافة إلى تلوث مياه قضاء الصادق وقضاء المدينة".
وأضاف البيان أن "أقلّ ما يُوصف به الوضع هو النكبة"، داعيًا إلى طلب التدخل العاجل من الأمم المتحدة لاتخاذ التدابير الطارئة لإنقاذ مدينة البصرة عبر إنفاذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وشهدت البلاد خلال الفترة الماضية احتجاجات من قبل مربي الأسماك ومزارعي الأرز؛ بسبب جفاف وتلوث مياه الأنهار في بعض المناطق؛ ما أدى إلى نفوق جماعي لعدد كبير من الأسماك، وتراجع زراعة أرز "العنبر" المحلي.
وتصنّف الأمم المتحدة العراق من بين البلدان الخمسة الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي في العالم، ومواجهة آثار اقتصادية، خصوصًا في قطاعات الزراعة والبيئة والصحة؛ ما يمثل تهديدات خطيرة تواجهها البلاد.
وبجانب نهري دجلة والفرات القادمين من تركيا مرورًا بسوريا، يخترق العراق عشرات الأنهار الفرعية التي تشكل روافد أو فروعًا للنهرين الكبيرين، وتمر في العديد من محافظات الوسط وجنوب البلاد.
وقال مركز العراق لحقوق الإنسان، قبل يومين، إنّ "الجفاف الذي يضرب محافظات الجنوب، وأبرزها البصرة، لم يعد ظرفًا مؤقتًا، بل يشهد ارتدادات سلبية متصاعدة يومًا بعد آخر، خاصة مع جفاف 7 إلى 9 أنهار فرعية تتفرع من دجلة والفرات".