تمتلك الثعابين، وخاصة الثعبان "البورمي"، قدرة مدهشة على ابتلاع فرائس أكبر من حجم رؤوسها بفضل تكوينها التشريحي الفريد وقدرتها على التكيف الفسيولوجي السريع.
أظهرت دراسات علمية أن الثعبان البورمي يمكنه البقاء دون طعام لأسابيع أو حتى أشهر، ثم ينشط جهازه الهضمي بالكامل خلال ساعات بعد التقاط الفريسة.
أثناء فترات الصيام، تدخل أجهزته في حالة خمول تام، حيث يتوقف إنتاج الإنزيمات وتنكمش الأعضاء لتقليل استهلاك الطاقة. لكن بعد الوجبة، تتضاعف أحجام الكبد والقلب والأمعاء بسرعة، وينخفض مستوى حموضة المعدة بشكل حاد لتبدأ عملية الهضم الفعالة.
ويكمن السر في تشريح جمجمته؛ فالفكان السفليان غير مرتبطين بعظمة صلبة، بل برباط مرن يسمح بفتح الفم على نطاق واسع.
كما تتحرك فكا الثعبان بطريقة متناوبة، وكأنهما "يمشيان" فوق الفريسة لدفعها تدريجيًا نحو الداخل. تساعد تقلصات عضلات الجسم في نقل الفريسة عبر المريء القابل للتمدد وصولًا إلى المعدة، حيث تبدأ الأحماض والإنزيمات بتحليل اللحم والعظام بسرعة كبيرة.
ويرتفع معدل الأيض لدى الثعبان بعد الأكل بما يقارب 40 مرة مقارنة بحالته أثناء الصيام، وتزداد مساحة امتصاص الأمعاء بفضل نمو الزغابات الدقيقة. وبعد أن يُتم الهضم خلال أيام، يعود كل شيء إلى طبيعته تدريجيًا، فتنكمش الأعضاء مجددًا وينخفض النشاط الأيضي.
هذه القدرة على “تشغيل وإيقاف” الجسم بسرعة تمنح الثعبان ميزة تطورية مهمة، إذ تساعده على البقاء لفترات طويلة دون طعام، ثم الاستفادة القصوى من كل وجبة ضخمة يتناولها.