يحظى المشي السريع باعتراف متزايد كأحد أكثر أشكال التمارين فاعلية للبالغين فوق سن الستين، لما يقدّمه من فوائد واسعة النطاق لصحة القلب والمفاصل والرفاه العام.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "Okdiario" الإسبانية، يُوصى بهذا النشاط متوسط الشدة من قِبل مؤسسات صحية بارزة، من بينها جمعية القلب الأمريكية، باعتباره خيارًا مثاليًا لكبار السن الراغبين في الحفاظ على نشاطهم البدني دون تعريض أجسامهم لإجهاد مفرط.
ويختلف المشي السريع عن المشي العادي بكونه يتم بوتيرة تتراوح بين 5 و6.5 كيلومتر في الساعة، وهي سرعة تتيح الحديث أثناء المشي. ويُعدّ هذا المستوى من المجهود مثالياً لتحقيق الفوائد الصحية القصوى مع الحفاظ على المفاصل والطاقة.
فوائد للقلب والتمثيل الغذائي
ويشير الخبراء إلى أن المشي السريع يُعد تمرينًا فعالًا للقلب، إذ يحفّز الدورة الدموية ويساعد على خفض ضغط الدم.
كما تشير الدراسات إلى أن كبار السن الذين يمارسون المشي السريع بانتظام يمكن أن يقللوا من خطر إصابتهم بأمراض القلب بنسبة تتراوح بين 30% و50%. كما أن تخصيص 20 إلى 30 دقيقة يوميًا فقط يعزّز من كفاءة القلب ومرونة الشرايين.
ويساهم المشي السريع أيضًا في تنظيم مستويات السكر في الدم، وهي فائدة مهمة بشكل خاص لكبار السن.
وتبيّن أن المشي لمدة 15 دقيقة بعد الوجبات يساعد العضلات على امتصاص الغلوكوز بشكل أكثر فعالية، مما يقلل من ارتفاع السكر بعد الأكل، ويمكن أن يسهم ذلك في تحسين حساسية الجسم للأنسولين وتحقيق توازن أفضل في مستويات السكر، خاصةً لدى من يعانون من السكري.
دعم المفاصل وتخفيف الألم
وعلى عكس التمارين عالية التأثير التي قد تُفاقم آلام المفاصل، يوفّر المشي السريع دعماً للمفاصل من خلال تحفيز إنتاج السائل الزلالي الذي يزيت الركبتين والوركين.
كما أن الحركة المتكررة تُقوّي عضلات الساقين، مما يقلل الضغط على المفاصل الحساسة. ويشير العديد من كبار السن إلى تراجع في الشعور بالتصلّب والألم بعد دمج المشي المنتظم في روتينهم اليومي.
دعم الصحة النفسية والمناعة
ولا يقتصر دور المشي السريع على الصحة الجسدية، بل يمتد أيضًا إلى تحسين المزاج والرفاه النفسي. فالنشاط البدني يُحفّز إفراز الإندورفينات، وهي مواد كيميائية طبيعية في الدماغ تُخفّف التوتر وتعزز المزاج.
ويُضيف المشي في الهواء الطلق ميزة إضافية عبر التعرض لأشعة الشمس، مما يعزز مستويات فيتامين "د" ويساعد على تنظيم النوم.
وتستفيد المناعة أيضًا من هذا النشاط المنتظم. فقد أظهرت الأبحاث أن التمارين المعتدلة، مثل المشي السريع، تُحسّن من أداء خلايا المناعة، مما يزيد قدرة الجسم على مقاومة الأمراض الشائعة مثل نزلات البرد والإنفلونزا، وهو أمر بالغ الأهمية لكبار السن الذين تضعف مناعتهم مع التقدم في العمر.
تعزيز الروابط الاجتماعية
ورغم أن المشي السريع يمكن أن يكون نشاطًا فرديًا، إلا أنه يوفّر أيضًا فرصة للتفاعل الاجتماعي، إذ يمكن لكبار السن الانضمام إلى مجموعات المشي، أو المشي مع الأصدقاء والجيران، أو ببساطة التفاعل مع الآخرين أثناء جولاتهم اليومية.
وقد أظهرت الدراسات أن التفاعل الاجتماعي المنتظم يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالتدهور العقلي وتحسن الصحة النفسية لدى كبار السن.
كيف تبدأ روتينًا آمنًا ومستدامًا؟
يوصي الخبراء الطبيون بضرورة استشارة الطبيب قبل البدء بأي برنامج لياقة بدنية، خصوصًا لمن يعانون من أمراض مزمنة أو لم يمارسوا الرياضة منذ فترة.
وبعد الحصول على الموافقة الطبية، يُمكن البدء بجولات مشي سريعة مدتها 10 دقائق عدة مرات في الأسبوع، مع زيادة الوقت تدريجيًا بمعدل 5 دقائق أسبوعيًا لإتاحة الوقت للجسم للتكيّف.
ويُعد ارتداء حذاء داعم ومريح أمرًا ضروريًا لتفادي الألم وضمان السلامة أثناء المشي. كما يشدد الخبراء على أهمية الاستمرارية أكثر من الشدة، مؤكدين أن الجهد المعتدل والمنتظم يمكن أن يحقق مكاسب صحية كبيرة على المدى الطويل.