بين ابتسامة تلوح بوهن على محياه لتقاوم ألمًا لا يوصف، وبين دموع انطلقت في عفوية من مقلتيه لتُبكي الآخرين، رسمت المشاعر الجياشة ملامح المشاهد الأخيرة في حياة الفنان المصري لطفي لبيب الذي رحل اليوم عن عالمنا عن عمر ناهز 77 عامًا.
الابتسامة الواهنة التي فشلت في إخفاء الألم كانت عنوان آخر ظهور للفنان الراحل قبل أيام من وفاته حين زاره في منزله الأب بطرس دانيال، رئيس المركز القومي للسينما، بصحبة الفنان حمزة العيلي.
جاءت الزيارة بمناسبة خروج لبيب من المستشفى بعد عدة أيام قضاها وهو على أجهزة التنفس الاصطناعي، حيث بدا أنه يجاهد في صنع إطلالة تخلو من "الميلودراما" ولا تبعث على قلق محبيه.
ومن مشاهد الظهور النادر في حياة الراحل مؤخرًا، حرصه اللافت على حضور عزاء صديقه الفنان الراحل نبيل الحلفاوي رغم تدهور حالته الصحية بشدة، لكنه أبى إلا أن يودع الحلفاوي الذي كان من المقربين منه.
ظهر لبيب وهو يخطو بصعوبة متكئًا على كتف أحد الأشخاص، دون أن يستطيع تمالك أعصابه لينهار في البكاء الحار بمجرد أن وقعت عيناه على النعش بـ "مسجد الشرطة" بحي "الشيخ زايد" بمحافظة الجيزة، في 17 ديسمبر الماضي.
وبمجرد إعلان نبأ وفاة لطفي لبيب، تداول نشطاء على نطاق واسع مقاطع فيديو متنوعة توثق المرات الأخيرة التي ظهر فيها عبر الشاشة في حوارات تلفزيونية، حيث أراد في إحداها أن يطمئن الجمهور على حالته الصحية، فإذا به يزيد من قلق متابعيه.
قال لبيب إنه أصيب بجلطة في المخ عام 2017 أثرت على حركة ساقة ويده اليسرى، لكنه يتعامل مع الموقف بشكل جيد وراضٍ بما قُسم له.
وفي لقاء آخر، أكد أن القرآن الكريم ساعده على إتقانه النطق باللغة العربية الفصحى وهو ما ساعده على إجادة الأدوار التاريخية التي كان يؤديها في المسرح والتلفزيون، ليضرب المثل الرائع ببساطة وعفوية في التسامح والتعايش كفنان قبطي يتعامل بأريحية مع القرآن.
وكان الفنان قد كشف سابقًا عن اكتشاف ورم في حنجرته، وأوضح أنه كان من المفترض أن يخضع لجراحة دقيقة، ونصحه الأطباء بالحد من الكلام إلا للضرورة القصوى.
وقدم لطفي لبيب مسيرة فنية استمرت نحو 50 عامًا، تألق خلالها في الأدوار الثانوية في العديد من الأفلام الشهيرة، منها: "عسل أسود" مع أحمد حلمي، و"السفارة في العمارة" مع عادل إمام، و"أنا يا خالتي" مع محمد هنيدي، و"إتش دبور" مع أحمد مكي، و"طباخ الريس" مع طلعت زكريا.
وكانت آخر أعماله السينمائية فيلم "أنا وابن خالتي"، الذي جرى تصويره في ظل ظروفه الصحية الصعبة، ومع ذلك أتم مشاركته فيه، حيث حظي العمل باستقبال نقدي وجماهيري إيجابي.
