logo
منوعات

جمال القصاص لـ"إرم نيوز": البعض يريد الشعر خادما لمصالحه

جمال القصاص لـ"إرم نيوز": البعض يريد الشعر خادما لمصالحه
جمال القصاص المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي
21 أكتوبر 2024، 7:03 ص

يعد الشاعر جمال القصاص أحد أبرز شعراء جيل السبعينيات في مصر،  حيث تتسم قصيدته بالرهافة والقدرة المدهشة على التسلل إلى الوجدان بأقل عدد من الكلمات. كما يساهم القصاص في النقد الأدبي والتشكيلي على نطاق واسع بلغة تجمع بين العمق والبساطة بعيدا عن جمود النظريات الأكاديمية. 

في السطور التالية، يحاور" إرم نيوز" صاحب مشروع ثقافي كبير يتسم بالجدية والتنوع والأصالة. 

يحمل ديوانك الأخير عنوان "كانت هنا موسيقى" وهو ما يتقاطع مع عنوان ديوان آخر لك "من الأعلى بمحاذاة الموسيقى".. ما سر إلحاح الموسيقى على نصوصك؟

الموسيقى كتاب الحياة المفتوح على شتى ألوان المعرفة والجمال، مبثوثة في  مشاعرنا وعواطفنا وانفعالاتنا، فلكل شيء موسيقاه ورنينه الخاص، للطبيعة موسيقاها ، وللبحر والنهر والحجر أيضا. 

الموسيقى أعلى من الإيقاع  المؤطر بالحركة والسكون، هي بنت النغمة والوجدان، تنساب برقة في طبقات الروح والجسد. لا فصل لديّ بين الشعر والموسيقي، فأنا معجون بالاثنين وأراهما حريتين تتصارعان من أجل حرية واحدة، هي حرية الشعر والحياة معا.  

تتميز عناوين أعمالك بجاذبية لافتة كما في " تحت جناحي عصفور" و" السحابة التي في المرآة " و"ما من غيمة تشعل البئر".. كيف تختار عناوينك عموما؟ 

لا أكتب من خلال عنوان مسبق أو فكرة ما ، العنوان لديّ يولد من رحم الكتابة، في البداية  يومض كبرق خاطف في ثنايا الصورة والدلالات والرموز، ثم يفرض حضوره وخصوصيته وتفرده في النهاية .

أخبار ذات علاقة

الشاعر السوري الراحل أحمد شحادة

الشاعر الشعبي أحمد شحادة.. يغني بكلماته التراث و"يمضي"

 

للمرأة حضور طاغ في أعمالك.. ما السبب وراء ذلك؟

هي شريكة الحياة، دونها يختل الميزان والمعيار لكل شيء. تحت سقف هذه الرؤية  أحاورها في شعري وأشاكسها كعشيقة وحبيبة وصديقة،  حينئذٍ أحس أنني أكثر قدرة على الامتلاء بنفسي، وأرى الوجود من حولي في صورة أنقى من جدل الثنائيات العقيمة، كالحب والكره، والخير والشر وغيرها.  

كثيرا ما تتردد أصداء السيدة والدتك في قصائدك ..لماذا؟ 

ليست سيرة بالمعنى المعروف، بقدر ما هي مشاهد من أحلام  لطفل فقد أمه وهو في التاسعة من عمره، تفور أحيانا من البئر الأولي، وتتناثر فوق حواف الذاكرة والقصيدة،  وكأنها تسد فجوة الحنان الفاتر والناقص، وتلطف من مرارة الشجن والحزن في الحياة وفي الشعر. وفي الوقت نفسه تمنح اللغة أمومتها، وكأنها تنبع للتو من رحم هذه البئر .    

هل يعيش الشعر العربي  حاليا محنة عميقة أم أزمة عابرة؟

هي أزمة عابرة بالتأكيد ، هناك من يريد للشعر أن يظل ابن  أفكار ورؤى ومضامين  تقليدية جاهزة، ولا يصبح خالصا لنفسه ولذاته، لنزقه وشطحه ومغامرته المفتوحة بحيوية على شتي أشكال التجريب والتجديد.

الشعر ليس ابن قوالب نمطية، ليس ابن حرية مستعارة من الآخر، الشعر ابن نفسه، يصنع قيوده وخصوصيته من داخل حريته، يهدم ويبني، ويجترح  طرائق وأشكالا جديدة من أجل الرقي بقيمة الفن والجمال والأنسان، وبمعنى الوطن الرحب المفتوح على قيم العدل والنور .      

لماذا لا يحظى الشعر العربي  بجوائز كبرى بشكل مكثف كما يحدث مع الرواية؟ 

هي مشكلة المؤسسات المعنية بالثقافة بالأساس، والتي تعاني من قصور في النظر ليس فقط إلى الشعر، بل إلى الإبداع في شتى دروبه وتجلياته، وتريده خادما مطيعا لمصالحها أولا.

لا أحد ينظر الى الشعر باعتباره نواة التطور للفنون جميعها، من سرد وفن تشكيلي ومسرح  وموسيقى، فمناط الذروة والجدارة في كل هذه الفنون هو قوة الشعر، وكيف تصل إليها وترفد به عناصرها البنائية بنعومة وسلاسة وتلقائية. 

كان لافتا في فوز الكاتبة  الكورية هان كانغ بجائزة نوبل  لهذا العام إشارة لجنة الجائزة إلى ما تنطوي عليه أعمالها من شاعرية جاذبة.      

كيف ترى الاتهام الشهير لشعراء العصر، لا سيما من يكتبون قصيدة النثر، بأنهم يكتبون نصوصا متشابهة؟ 

هذا صحيح إلى حدٍّ ما،  لشيوع الاستسهال حول كتابة هذه قصيدة النثر، رغم أنها  برأيي فن صعب للغاية، فلا تحمل  تلك القصيدة رخصا فنية لها، كما في شعر التفعيلة أوالشعر التقليدي  .

قصيدة النثر تنحت نفسها في العراء الطلق،  وعليها أن تؤكد جماليتها بالتخفي أحيانا داخل هذا العراء، وتجعله غلالة شفيفة ابنة احتياج وضرورة  فنية وشعرية وحياتية لترى العالم وتتعامل معه  بمنطقة استئناس الألفة والغرابة معا.      

من السبب في عزلة الشعر وعدم وصوله للجماهير العريضة؟

الشعر لم يفقد جماهيره بعد، لا يزال قادرا على أن يهز الانسان جسدا وروحا، ويجعله يرقص على مسرح الحياة.

وإذا كانت هناك أزمة يعانيها الشعر بشكل أو بآخر، فالمسؤول عنها هم المؤسسات الثقافية المتكلسة، والنقاد أصحاب المفاهيم والرؤى المتخلفة، إضافة الى إيقاع المجتمع  الذي تمزق خلاياه كل يوم أمشاج من اللغة الهجينة، يختلط  فيها الحابل بالنابل، تلاحقك في المقهى والشارع والحافلات العامة، وتتسع بين أوساط الشباب.  

كيف تصف علاقتك بالنقد الأدبي بعد صدور كتابك مؤخرا "في مرايا السرد" الذي يضم قراءات في القصة و الرواية العربية؟ 

 أنا ناقد هاوٍ، لست حكاء بطبعي، لكن لي رؤيتي الخاصة فيما أقرأ، والشعر يساعدني كثيرا في القبض على روح النص الروائي أو القصصي والإمساك بمفاتيحه الأساسية، على مستويات الرؤية والتشكيل وعوالم الصراع، في أقصى لحظاته خفَّة وثقلا، ومدارات صعوده وهبوطه في فضاء السرد بعيدا عن التقنيات والنظريات الأكاديمية الجامدة .   


أخيرا، ماذا عن علاقتك القوية بالفن التشكيلي وصداقتك مع أبرز رموزه؟

أحب الفن التشكيلي ، ودائما أحس أن بداخلي رساما هاربا، يقفز بقوة على السطح، بخاصة حين أتناول أعمالا وتجارب تشكيلية لفنانين متنوعين. وبرأيي أن الفن التشكيلي هو الأقرب إلى روح الشعر من بين الفنون الأخرى، على مستوى التأويل ومحاولة الإدراك والفهم. اللوحة الحقيقية يصعب الوقوف على تأويل بصري نهائي لها، بل هي قادرة على أن تمنحك نفسها كل يوم بشكل جديد، الأمر نفسه يحدث في الشعر .   

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC