حكمت محكمة في مدينة مايفيل بولاية نيويورك على هادي مطر، الذي أُدين في فبراير/شباط الماضي، بمحاولة قتل الكاتب سلمان رشدي أثناء مؤتمر في الولايات المتحدة، بالسجن 25 عاماً.
مطر، البالغ من العمر 27 عاماً ويحمل الجنسيتين الأمريكية واللبنانية، هاجم مؤلف كتاب "الآيات الشيطانية" في أغسطس/آب 2022، على خشبة مسرح مؤسسة تشوتوكوا، حيث كان رشدي يستعد لإلقاء محاضرة.
وكان مطر قد تلقى فتوى بهدر دم الكاتب سلمان رشدي من المرشد الأعلى الإيراني آية الله الخميني عام 1989.
سلمان رشدي، وهو كاتب من أصل هندي ويحمل الجنسية الأمريكية، تعرّض خلال الهجوم للطعن عدة مرات في الوجه والرقبة والجذع واليد اليسرى، ما أفقده البصر في عينه اليمنى وأدى إلى أضرار بالغة في الكبد والأمعاء؛ كما أصيب هنري ريس، مقدم البرنامج الحواري المرافق له، بجروح طفيفة.
ووجهت إلى مطر أيضاً تهم على المستوى الفيدرالي، تشمل تقديم دعم مادي لميليشيا حزب الله اللبناني، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وخلال محاكمته، أطلق مطر شعارات مؤيدة للفلسطينيين، وطَعن رشدي قرابة 10 مرات مستخدماً سكيناً بشفرة طولها نحو 20 سنتيمتراً؛ وبعد أيام من الهجوم، أجرت صحيفة "نيويورك بوست" مقابلة معه من داخل السجن.
قال مطر في المقابلة إنه "تفاجأ" بنجاة رشدي، نافياً وجود علاقة مباشرة بين الهجوم وفتوى الخميني، لكنه أقرّ بأنه "يحترم آية الله"، ويراه "شخصية استثنائية".
ينحدر هادي مطر من ولاية نيوجيرسي، ويُعتقد أنه علم بالمؤتمر عبر منصة "تويتر" (إكس حالياً).
وبحسب والدته، فقد بدأ يعيش في عزلة ليلية مفرطة أمام حاسوبه منذ عام 2018، بعد عودته من زيارة لوالده في لبنان، حيث يُرجح أنه التقى بشخصيات على صلة بحزب الله.
وتضمنت صفحته على "فيسبوك" إشارات متعددة إلى الحرس الثوري الإيراني، وزُينت جدران غرفته بصور للخميني وشخصيات أخرى من النظام الإيراني؛ ورغم كل ذلك، نفت السلطات الإيرانية أي علاقة لها بمطر أو بالهجوم.
وأفادت والدته أنه كان يلومها لعدم تربيته تربية إسلامية "صارمة"، وقبل أشهر من الهجوم، بدأ بمشاهدة مقاطع لسلمان رشدي على "يوتيوب"، وقال إنه وجده "منافقاً".
وأضاف في حديثه للصحيفة: "أنا لا أحبه، لا أظنه إنساناً جيداً؛ إنه شخص هاجم الإسلام، هاجم عقيدتي"، ورغم ذلك، أقرّ بأنه قرأ بضع صفحات فقط" من كتاب "الآيات الشيطانية"، ولم يُنهه.
وأثار كتاب "الآيات الشيطانية" غضباً واسعاً في العالم الإسلامي واعتُبر تجديفاً، أدى إلى صدور فتوى القتل ضد رشدي عام 1988؛ ومنذ ذلك الحين، رُصدت جائزة مالية تتجاوز 3 ملايين يورو لاغتياله، من قبل مؤسسة "خرداد 15" التابعة للنظام الإيراني.
تشير تقارير إعلامية إلى أن عدداً من العوامل، من صعوبات الهوية والانتماء التي يواجهها أبناء المهاجرين، إلى التوترات الأسرية، مروراً بالتحول الأيديولوجي عبر الإنترنت، ساهمت في دفع مطر نحو التطرف، ليصبح نموذجاً لما يسمى بـ"الذئب المنفرد الشيعي"، وفق وصف موقع "درج" اللبناني.
ووُلد هادي مطر في مدينة كوداهي بولاية كاليفورنيا الأمريكية، ووفقاً لأحد زملائه السابقين، فقد كان "مسلماً متديناً جداً"، لكنه لم يكن اجتماعياً ولا منفتحاً على محيطه.
وينحدر والده من بلدة يارون جنوب لبنان، وهي بلدة ذات طابع شيعي تُعد معقلاً لحزب الله.
وقد استقرت عائلة مطر في الولايات المتحدة منذ أكثر من 30 عاماً، وفق ما أفاد به رئيس المجلس البلدي في يارون لصحيفة لوريان لوجور.
وبعد طلاقه من والدة هادي عام 2004، عاد والده حسن مطر إلى لبنان، ويعيش منذ وقوع الاعتداء في عزلة تامة داخل منزله، رافضاً الحديث مع الإعلام، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
أما بلدة يارون نفسها، فقد لاحظ مراسل صحيفة "الغارديان" البريطانية الذي زارها مؤخراً، أنها تجمع بين "الأيقونات الشيعية" و"القصور الفخمة" و"المنازل المثقوبة بالرصاص"، في مشهد يعكس ماضياً مشحوناً بالعنف.
ورغم شهرة مطر بعد الهجوم، فإن الصمت يخيّم على الأهالي، ولا أحد يريد الحديث عن الشاب الذي حاول قتل سلمان رشدي.