بعد 3 عقود من العمل الدؤوب، تستعد وكالة الفضاء الأوروبية لإطلاق ساعتين ذريتين إلى محطة الفضاء الدولية، في خطوة تهدف إلى قياس الوقت بدقة غير مسبوقة واختبار إحدى أبرز فرضيات الفيزياء الحديثة "النسبية العامة" لأينشتاين.
رئيس مشروع "فاراو" PHARAO في المركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية، ديدييه ماسونيه، أوضح لوكالة فرانس برس أن هذه المهمة ستتيح للعلماء فرصة فريدة لـ "قياس تأثير الارتفاع على مرور الوقت"، في إشارة إلى ما يُعرف بـ "التحول الجاذبي".
ومنذ عام 1915، أثبت أينشتاين أن الزمن يتباطأ كلما اقتربنا من جسم ذي كتلة كبيرة، وهو ما يظهر جليًّا عند الاقتراب من الثقوب السوداء.
وعلى الأرض، يكون الزمن أسرع قليلًا في قمة برج إيفل مقارنة بقاعدته، لكن هذا الفرق يصبح أكثر وضوحا على ارتفاعات شاهقة، كما هو الحال في أنظمة الملاحة بالأقمار الاصطناعية مثل "جي بي إس" و"غاليليو"، التي تتقدّم ساعاتها الذرية بنحو 40 ميكروثانية يومياً مقارنة بنظيرتها على الأرض.
المهمة الجديدة، التي سينقلها صاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبايس إكس" من قاعدة كاب كانافيرال، تحمل نظام "إيسز" ACES المؤلف من ساعتين: ساعة "فاراو" المصنوعة من السيزيوم والمبرَّدة بالليزر داخل أنبوب مفرغ من الهواء، وساعة "مازر" العاملة بالهيدروجين، اللتين تضمنان دقة فائقة قد تنحرف ثانية واحدة فقط كل 300 مليون سنة.
ومنذ عام 1967، لم تعد الثانية تُقاس بدوران الأرض، بل عبر اهتزازات ذرة السيزيوم التي تبلغ 9,192,631,770 مرة لتشكّل وحدة الزمن الرسمية.
سيمون وينبرغ، المسؤول عن مشروع "إيسز" في وكالة الفضاء الأوروبية، وصف المهمة بأنها "تحدٍّ تكنولوجي هائل"، خصوصا في تكييف معدات معقدة لتعمل بدقة ضمن بيئة الفضاء.
وسيُقارن الوقت الذي تسجّله "فاراو" مع 9 محطات حول العالم، في محاولة لرصد أي اختلافات دقيقة قد تقود العلماء إلى نتيجة مذهلة، إما إثبات إضافي للنسبية، أو فتح نافذة جديدة لفهم الكون، وربما تقريب المسافة بين عالمَيْ النسبية والفيزياء الكمية.