لم يتوقع الكادر الطبي في مشفى المجتهد بالعاصمة السورية دمشق، أن السيدة التي دخلت قسم الإسعاف تحمل بين يديها رضيعة لا يتجاوز عمرها 5 أيام، كانت في الواقع تبحث عن وسيلة للتخلص من منها، بعد أن ادّعت أنها حفيدتها.
وبحسب ما أفادت به صفحات إخبارية محلية، فإن السيدة طلبت من الفريق الطبي السماح لها بالخروج مؤقتاً من القسم، بحجة دفع أجرة سيارة الأجرة التي أقلّتها إلى المشفى، لكنها غادرت المكان دون عودة، تاركة الطفلة بين أيدي الأطباء.
ومع مرور الوقت دون أي إشارة لعودتها، أبلغت إدارة المشفى الجهات الأمنية المختصة، التي باشرت التحقيق في الحادثة لتحديد هوية المرأة.
وبالعودة إلى تسجيلات كاميرات المراقبة داخل المشفى، تمكّن المحققون من استخراج صورة واضحة للسيدة أثناء دخولها إلى قسم الإسعاف وهي تحمل الطفلة.
وبناءً على ذلك، جرى تعميم الصورة عبر وسائل الإعلام، في محاولة للتعرف عليها ومحاسبتها.
الحادثة أثارت موجة واسعة من ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استنكر كثير من المتابعين هذا التصرف، مطالبين بإنزال أقصى العقوبات بحق السيدة.
في المقابل، رأى آخرون أن الظروف الاقتصادية والمعيشية قد تكون السبب وراء هذا الفعل، مشيرين إلى أن الفقر والعجز عن تأمين الرعاية ربما دفعا الأسرة للتخلي عن الرضيعة.
إحدى المعلقات كتبت قائلة: "يا ويلها من الله.. كيف لها قلب أن تفعل ذلك؟"، بينما علقت أخرى: "نشكوها إلى الله".
وفي تصريحات لـ"إرم نيوز"، كشف أحد الأطباء المناوبين في قسم الإسعاف أن السيدة أظهرت قلقًا بالغًا على صحة الطفلة فور دخولها القسم، وطلبت فحصها بشكل عاجل، ما أعطاها مظهر الجدة المهتمة، وأبعد عنها الشبهات، وأضاف الطبيب: "ما إن خرجت بحجة دفع أجرة التكسي، حتى اختفت من دون أثر".
وأشار الطبيب إلى أن إدارة المشفى تتعامل مع مثل هذه الحالات بالتنسيق مع وزارتي الصحة، والشؤون الاجتماعية والعمل، حيث يتم نقل الأطفال مجهولي النسب إلى دور الرعاية الاجتماعية بعد التحقق من حالة التخلي الكاملة وعدم التوصل إلى ذويهم.
وتُعد هذه الحادثة جزءًا من ظاهرة آخذة في التوسع، بحسب تقارير هيئة الطب الشرعي السورية، التي رصدت ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأطفال اللقطاء خلال السنوات الأخيرة.
وفي تقريرها الرسمي الصادر عام 2022، أشارت الهيئة إلى تسجيل 53 حالة لأطفال مجهولي النسب خلال الأشهر الأولى فقط من ذلك العام.
ويفرض القانون السوري عقوبات صارمة على حالات التخلي عن الأطفال، تصل إلى السجن لمدة 15 عامًا، خاصة عندما يُترك الأطفال في أماكن عامة كالمشافي أو أمام المساجد.
ومع ذلك، تستمر هذه الظاهرة بالتفاقم، مدفوعةً بالأوضاع الاقتصادية المتردية، وصعوبة تأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة للكثير من الأسر.