مدينة تروي حكايات الصمود والمجد عبر العصور تقف شامخة وسط الصحراء.. تحاكي التاريخ بحصونها وقلاعها التي شهدت ملاحم بطولية ضد المعتدين على مر الزمان حتى اكتسبت لقب "مقبرة الغزاة".
إنها سبها عاصمة الجنوب الليبي ودرة إقليم فزان، تسكن بين كثبان الصحراء الأفريقية الكبرى وتقع على بعد 750 كيلومتراً من العاصمة طرابلس حيث تجتمع فيها عراقة التاريخ وسحر الحضارة لتصبح شاهدة على ثقافة تمتد جذورها إلى آلاف السنين.
هنا حيث يعيش السكان وسط طقوس وتقاليد تعكس فرادة تاريخهم وهويتهم، تعود أصول المدينة إلى أسطورة الملكة بلقيس.. تقول الروايات إن سكان مملكة سبأ اليمنية بعد انهيار سد مأرب، ارتحلوا عبر الصحارى حتى استقروا هنا ليؤسسوا "سبأ" جديدة والتي تحولت بمرور الزمن إلى "سبها"
ويُروى أيضاً أن اسم سبها قد يعود إلى كلمة "السبه" التي تشير إلى تشتت العقل بفعل الشيخوخة وهو تفسير يتداوله كبار شيوخ المنطقة مما يضفي مزيداً من الغموض على تاريخ المدينة.
سبها ليست مجرد حاضرة صحراوية، بل هي ملتقى حضارات قديمة، تميزت بأنظمة الري المعقدة التي يعود تاريخها إلى ما قبل 10 قرون وكانت مركزاً رئيسياً للقوافل التجارية التي تربط الشمال بالجنوب.
قلعتها الشهيرة التي تعلو قمة تل شاهق بُنيت منذ 500 عام لتكون خط الدفاع الأول في مواجهة الغزاة وتشهد على قوة المدينة وإصرارها على البقاء.
واليوم تسعى سبها إلى التوفيق بين تراثها العريق ومظاهر الحداثة حيث تشيد جامعة كبرى ومطاراً دولياً و فروعاً لعدد من المصارف، لكنها لا تزال تحتفظ بروح الأصالة التي جعلتها مميزة عبر العصور.