عندما تنتهي حلول الأرض، يهرب الإنسان إلى الطاقة؛ هكذا تلخّص الدكتورة أليسار عجوب، أسباب انتشار مراكز الطب البديل والطاقة، خلال الحروب والأوضاع الاقتصادية والنفسية الصعبة.
لكن الدكتورة كوثر شراب، الحاصلة على عدة شهادات عالمية في مجال العلاج والتدريب بالطاقة، تصفه في بحث تناول الموضوع، بالعلاج غير الجراحي والدوائي، المصمم لاستعادة التدفق والتوازن لنظام طاقة الجسم المريض.
وتؤكد إحصائيات الأكاديمية الكندية لعلوم الطاقة في دمشق، زيادة أعداد المراجعين لمراكز الطاقة من 70 شخصًا في العام 2000، إلى 2700 شخص العام 2019 في مدينة دمشق فقط.
وتشير الدكتورة عجوب لـ"إرم نيوز" إلى أنه "من الممكن أن يؤدي الضغط على نقاط معينة في الجسم، إلى تحفيز السيالات العصبية، فتصل الرسائل إلى الدماغ كي تنسيه المشكلة الأساسية".
وتكثر في سوريا مراكز العلاج بالطاقة وتعليم اليوغا وجلسات التأمل، وتقدم كملاذ للهروب من الضغوط النفسية والجسدية لاستعادة حيوية الجسم، فيما تقول الدكتور عجوب إن دورها في علاج الأمراض، لا أساس علميًا له.
وسبق لقاعدة البيانات الطبية العالمية "sciencedirect"، أن نشرت بحثًا بعنوان "رسم خرائط طب الطاقة: من علم التشريح الدقيق إلى فسيولوجيا الطاقة"، قدمت فيه أدلة توضح تقنيات العلاج بالطاقة علميًا، في المجالات الكهرومغناطيسية.
كما يشير موقع "Explore Health Careers" إلى أن الطب التكميلي والبديل (CAM) يشهد "تزايدًا في الطلب في المجتمع الأمريكي".
تقول رجاء المتدربة على اليوغا في مدينة الجلاء الرياضية بدمشق، لـ"إرم نيوز": "كنت أعاني من التعب المزمن وانعدام الحيوية، ووصف لي الأطباء أدوية ضد الكآبة، لكنني لجأت إلى اليوغا التي تكفلت بعلاج كل هذه الظواهر، وحسّنت نظرتي للحياة".
والباحثة الاجتماعية أليسار فندي، تؤكد لـ"إرم نيوز"، أن ضغوط قرابة 15 عامًا من الحرب السورية، تسببت في انتشار الأمراض النفسية والجسدية التي لا تُحدَّد طبيعتها بسهولة، فكانت علوم الطاقة، واليوغا، والتأمل، ملاذًا يشعر الناس بالراحة".
وتشبّه أليسا فندي، انتشار العلاج بالطاقة وجلسات التأمل، بعودة الناس لاستخدام الأعشاب الطبيعية في علاج الأمراض، خاصة المستعصية منها، وتضيف: "في ظل المسيرة المضنية لعلاج الأمراض الخطيرة مثل السرطان والسكري والقلب، وتكاليف الأدوية المرتفع جدًا، عاد الناس أيضًا إلى الطبيعة، وهي عودة تشبه الرهان على الطاقة في التخلص من الأمراض والأعباء".
وتربط الدكتورة عجوب، تحسن العديد من المرضى بفعل العلاج بالطاقة، بالتأثير النفسي "البلاسيبو"، وتقول: "فائدة العلاج بالطاقة ربما تكون ناتجة عن "Placebo Effect" حيث يشعر الشخص بالتحسن بسبب إيمانه الكبير بالعلاج".
ولم يكن الأمر مفاجئًا بالنسبة لمنال، التي قرأت كثيراً عن "الشاكرات" ومراكز الطاقة في الجسد، ثم تدربت على تنشيطها والتحكم بها. تقول منال لـ"إرم نيوز": "نقص الطاقة، يربك كل أعضاء الجسم، لكن يمكن سحب الطاقة من الضوء وألوان الطبيعة عبر التأمل. لقد غيرت حياتي جلسات التأمل الطويلة لضوء الشمعة الذي يحمل طاقة كبيرة، لكن يجب أن يتعلم الإنسان كيف يسحبها".
نصح الأطباء، منال، بإجراء قثطرة قلبية، كما أجرت صورًا شعاعية لفقرات الرقبة، وتحليلات للغدة الدرقية، كانت نتيجتها طبيعية، فحسمت أمرها بهجر الأطباء والأدوية، بعدما اقتنعت أن العلاج يكمن في إرواء عطشها للطاقة.
وتتساءل الدكتورة عجوب، ماذا يمكن لعلوم الطاقة أن تفعل، إذا كان الإنسان محتاجًا لعملية استبدال شرايين القلب؟ وهل يمكن لها أن تستأصل الزائدة الدودية الملتهبة؟ وتضيف: "العامل النفسي وارتفاع المعنويات أمور ضرورية للمريض، لكن يجب ألا نغرق في الوهم، فالكثير من الأمراض لا يشفيها سوى مبضع الجراح".
وتشبه الباحثة الاجتماعية أليسار فندي، موضوع الطاقة والتأمل في علاج الأمراض، بالمثل الشعبي القائل "مكره أخوك لا بطل"، حيث يعتبر هذا الخيار أفضل وأقل تكلفة مادية ونفسية على المريض، مقارنة بالجراحة والتحاليل ودخول المشافي.
وتقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أنه من بين كل 5 أشخاص في سوريا، هناك فرد يعاني من الاضطرابات النفسية، بسبب الحرب، وهو ما تقوله الباحثة فندي، إنه سبب انتشار الاهتمام بالطاقة والتأمل، على أمل "انتشال الزير من البير" كما يقول المثل الشعبي.
