تشهد الدورة الـ 32 من مهرجان "القاهرة للمسرح التجريبي" والتي تقام في الفترة من 1 حتى 8 سبتمبر المقبل مشاركة خليجية قوية ولافتة عبر 6 عروض تختلف في موضوعاتها وقضاياها المطروحة، لكنها تتفق في شىء واحد هو كتابة "شهادة ميلاد" لجيل جديد مختلف وجريء ومتحمس من صناع هذا الفن.
تجمع الأعمال المشاركة بين "الكم" من حيث التواجد الكثيف اللافت حيث تشكل نصف الأعمال العربية المشاركة في المهرجان، أما من حيث "الكيف" فتتميز بعمق الرؤية الفلسفية والانفتاح على هموم الإنسان في كل مكان وزمان، كما تعكس حالة من النضج المدهش فاجأت النقاد والمتابعين.
المسرحيات الست هي "علكة صالح" و"الفانوس" من الإمارات، "قد تطول الحكاية" و"طوق" من السعودية، "الساعة التاسعة" من قطر، "قهوة ساخنة" من البحرين، والتي يعد "الخروج عن المألوف وتحطيم الطابع التقليدي" قاسمًا مشتركًا بينها سواء على مستوى الفكرة أو التناول.
وفيما يتعلق بـ "السينوغرافيا" والتي يقصد بها "فن تنسيق فضاء العرض المسرحي بصريًّا وصوتيًّا"، تقدم تلك الأعمال إبداعًا غير مسبوق على مستوى الديكور والإضاءة والأزياء والاستعراضات الجماعية، على نحو يحمل رؤية مختلفة، بما يتناغم مع مضمون العمل.
تخرج المسرحيات من الإطار المحلي الضيق للمسرح العربي ولا تتقوقع على نفسها، وإنما تنفتح على قضايا وهواجس إنسانية ذات بعد فلسفي، مثل: دوران الإنسان في حلقة مفرغة من خلال أم وأب يسقطان في دائرة عبثية من انتظار ابن لا يجيء كما في "الساعة التاسعة" وصراع البشر من أجل الاستنارة والنجاة كما في "الفانوس" وحصار الأزمات لأرواح الأفراد كما في "قد تطول الحكاية".
وفيما ترصد مسرحية "علكة صالح" تناقضات البشر إزاء رسالة غامضة معلقة على حائط وكيف يراها كلٌّ حسب منظوره، تقتحم " قهوة ساخنة" أزمة البحث عن السعادة دون جدوى ولو عبر علاقات عاطفية زائفة تصلح كمسكنات من خلال منصات التواصل الاجتماعي وكيف يحرص عليها البعض رغم أنهم في قرارة أنفسهم يعرفون أنهم يعانقون الأوهام.
ويبدو اختيار اسم "طوق" موفقًا للغاية حيث يبدو أبطال العمل محاصرين داخل طوق لا يغادرونه من التكرار والملل وتشابه الأيام، لكن الأكثر قسوة أنه رغم أول انفراجة وكسر للطوق، سرعان ما يعود الطوق لحالته الأولى ويُطبِق الخناق على الأرواح مجددًا.