عرض غير تقليدي فاجأ الجمهور ولاقى استحساناً واسعاً في ختام الدورة الـ 42 من "مهرجان بنزرت الدولي" التونسي والذي أسدُلت الستارة على فعالياته، أمس الثلاثاء، بمسرحية جريئة ومختلفة هي "رقوج"، الذي سبق أن عرفها الجمهور كمسلسل عُرض بنفس الاسم في موسمين آخرهما رمضان الماضي.
حمل العرض بصمات المخرج عبد الحميد بوشناق، وشقيقه الفنان والملحن حمزه بوشناق، في خطوة تنطوي على مجازفة لافتة، حيث سبق أن ارتبط الجمهور بالعمل من خلال شاشة التلفزة، ويصبح تقديمه على خشبة المسرح تحدياً من نوع خاص، إذ يتوجب على صناع العمل إدهاش الجمهور بعناصر جديدة.
وبعد نجاح إخراج وتأليف عبد الحميد للمسلسل مع الموسيقى التصويرية التي وضعها حمزة له، نجحت المغامرة الجديدة، وجاءت المسرحية مبهرة على المستوى البصري، ومشحونة بطاقة حماسية هادرة من خلال الرقص والاستعراضات والأداء الحركي، بفضل مشاركة أوركسترا كاملة مكونة من 40 عازفاً بقيادة المايسترو راسم دمق.
تناول المسلسل قضايا ساخنة مطروحة على الساحة التونسية، مثل: الفساد البيروقراطي، والوجه الآخر المظلم لبعض رموز النخبة المجتمعية، في سياق نقدي ساخر يمزج الواقع بالفانتازيا والحقائق بالمبالغات الكاريكاتورية.
وحافظت المسرحية على روح المسلسل من حيث جرأته النقدية وحسه اللاذع، مع إطلاق أكبر كم من الضحك عبر المفارقات الصارخة، والتناقض الهائل بين الشعارات الجميلة الرنانة من ناحية وبين الممارسة الفعلية على أرض الواقع من ناحية أخرى.
وبلغت المسرحية ذروتها في العديد من المشاهد، مثل تلويح الممثلات بأوشحهتن عالياً كرايات تحتفي بصمود الفلاحات، وتبرز معاناتهن التي لا يحس بها كثيرون، كما مثّل دخول أحد الفرسان إلى خشبة المسرح وهو على صهوة جواده مشهداً فريداً منح العرض حيوية مدهشة ومصداقية كبرى، رغم صعوبة تنفيذه من الناحية العملية.