في الوقت الذي لمع فيه العديد من الفنانين المكفوفين في سماء الطرب العربي، مثل سيد مكاوي وعمار الشريعي وإمام عيسى ونزار كاظم، برز اسم نعيمة الجزائرية كأول صوت نسائي كفيف يفرض حضوره بقوة، ويثبت موهبته الفريدة التي جمعت بين عذوبة الصوت وصدق الإحساس.
الاسم الحقيقي للفنانة هو فاطمة الزهراء قرايمو، وقد اختارت لنفسها الاسم الفني "نعيمة"، قبل أن يُلحق به لقب "الجزائرية"، تعبيرًا عن فخرها بانتمائها الوطني، ويُعرف عنها أيضًا اسم "نعيمة الدزيرية" في بعض الأوساط.
ولدت نعيمة في 27 يونيو 1968، وفقدت بصرها وهي لا تزال رضيعة. إلا أن إعاقتها لم تمنعها من شق طريقها نحو الفن، حيث التحقت منذ صغرها بمدرسة خاصة بالمكفوفين، لتظهر شغفًا مبكرًا بالموسيقى.
واصلت دراستها الفنية في معهد "الكونسرفتوار"، حيث تميزت في فهم أساسيات الموسيقى والعزف على الآلات، قبل أن تنضم لاحقًا إلى واحدة من أعرق مدارس الموسيقى الأندلسية التراثية في الجزائر.
وظهرت موهبتها الغنائية مبكرًا، حيث نالت المركز الثاني في مسابقة موسيقية كبيرة وهي في سن الرابعة عشرة، بأغنية "ماله حبيبي ماله". بعدها بدأت مسيرتها الغنائية الخاصة، مقدّمة أعمالًا امتزجت فيها الألحان العذبة بالشجن والإحساس العالي.
تأثرت نعيمة الجزائرية بعدد من رواد الطرب الشعبي والأندلسي، من بينهم فضيلة الدزيرية، أعمر الزاهي، والهاشمي قروابي. ومن أشهر أغنياتها: "ما زلني على ديداني"، "شهلت لعيالي"، "المقنين الزين"، "لله وين شفتو حبيبي".
وبصوتها المميز ومسيرتها الملهمة، استطاعت نعيمة الجزائرية أن تحجز مكانًا خاصًا لها في الذاكرة الفنية الجزائرية والعربية، متحدية الإعاقة ومكرّسة لموهبتها الفريدة.