تشكل مذكرة التفاهم بين رواندا والاتحاد الأوروبي محور نقاش حاد داخل البرلمان الأوروبي، وسط دعوات لتجميدها بسبب انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان واستغلال المعادن في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ففي الأول من ديسمبر/كانون الأول، استمعت لجنة الالتماسات بالبرلمان إلى ممثلي جمعيات مدنية تطالب بتعليق مذكرة التفاهم الموقعة في فبراير/شباط 2024 بين بروكسل وكيغالي.
يعود الجدل إلى الـ13 من فبراير/شباط 2025، حين اعتمد البرلمان الأوروبي قرارًا بأغلبية ساحقة يدين دور رواندا في دعم جماعة تحالف نهر الكونغو/حركة 23 مارس المتمردة في شرق الكونغو، ويطالب بتعليق مذكرة التفاهم الخاصة بسلاسل القيمة المستدامة للمواد الخام، بحسب مجلة "جون أفريك".
ومنذ ذلك الحين، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أفراد وكيانات رواندية في مارس/آذار، لكنه لم يلمس مذكرة التفاهم نفسها؛ ما أثار انتقادات الجمعيات المدنية.
دعوات لتعليق مذكرة التفاهم
جمعيات مثل جيل لوميير، وفريق الكونغو، وكايب فرانس، والكونغو الحرة، سجلت في الـ11 من أغسطس/آب عريضة لدى البرلمان الأوروبي تطالب بفحص مذكرة التفاهم عن كثب.
وفي حال قبولها، يمكن أن تؤدي العريضة إلى تحقيق من المفوضية الأوروبية أو إصدار تقرير معلومات أو اتخاذ إجراءات أخرى لمراجعة الاتفاقية.
وبسبب تلقي المفوضية الأوروبية أكثر من ألف عريضة سنويًّا، نجحت هذه الجمعيات في دفع أعضاء لجنة الالتماسات للاستماع إلى ملاحظاتهم وتسريع العملية.
من جانبه، أكد ديفيد مايندا كيثوكو، رئيس منظمة جيل لوميير، أن "رواندا والجماعات المسلحة التي تدعمها تنهب موارد الكونغو"، مستندًا إلى تقارير خبراء الأمم المتحدة لعام 2024.
ووصف مذكرة التفاهم بأنها "اتفاقيات العمى المتعمد"، مضيفًا: "ليست مجرد اتفاقية تقنية، بل تروّج هيكليًّا لثروات المعادن الممنوعة وتسهّل عمليات النهب".
أعضاء البرلمان الأوروبي، مثل ديفيد كورماند من مجموعة الخضر/تحالف الحرية الأوروبية، وجيورجوس جورجيو من اليسار، أشادوا بشجاعة مايندا كيثوكو، داعين إلى اتخاذ موقف حازم.
هذا النقاش يأتي قبل زيارة الرئيسين بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي إلى واشنطن في الـ4 من ديسمبر لإبرام اتفاقية سلام محتملة.
موقف المفوضية الأوروبية والدفاع عن الاتفاقية
في المقابل، دافع بعض أعضاء البرلمان، مثل بيتر أجيوس من حزب الشعب الأوروبي، عن مذكرة التفاهم، معتبرًا أنها توفر إطارًا للحوار والتعبير عن الاختلاف مع رواندا، وأن إلغاءها يتعارض مع قيم الاتحاد الأوروبي.
في السياق ذاته، أشار ممثل المفوضية الأوروبية إلى أن المعادن لا تُصدّر مباشرة إلى أوروبا، بل إلى الصين، لكن أعضاء البرلمان أصروا على أن المنتجات المصنعة في الصين باستخدام هذه المعادن تصل في النهاية إلى الأسواق الأوروبية.
وأوضح المسؤول أن الاتفاقية ليست ملزمة قانونيًّا، ولم تُنفذ أي خطة عمل أو تُخصص لها ميزانية، وأن الوضع لن يتغير إلا بتغير الواقع الميداني.
وأوضح نائب رئيس لجنة الالتماسات، فريديس بيليريس، أن الالتماس أثار تساؤلات متعددة تمنعه من إغلاقه فورًا، مشيرًا إلى أنه ينتظر رأيًا مكتوبًا من المفوضية قبل اتخاذ أي قرار نهائي.
ورغم عدم تفاؤل الجمعيات بمستقبل جهودها، فإنها تعلن تصميمها على متابعة القضية، ووعد ديفيد مايندا كيثوكو بالاستمرار في التواصل مع لجان أخرى، مثل لجنة التجارة الدولية، مؤكدًا: "لن نتوقف، ولن نتلاشى".