logo
اقتصاد

بين الإفلاس والتخلف عن دفع الرواتب.. تحذير من اعتماد العراق على النفط

عملة عراقيةالمصدر: (أ ف ب)

لم يعد الحديث عن أزمة مالية في العراق مجرد تخوفات أو تحذيرات من خبراء، بل أصبح واقعاً ملموساً يعاني منه الموظفون والمتقاعدون بشكل مباشر.

يأتي ذلك، مع تأخر صرف الرواتب وغياب رؤية واضحة لدى الحكومة لمعالجة الاختلالات المالية.

وكشفت بيانات رسمية، أن الإيرادات النفطية بالكاد تكفي لتغطية النفقات التشغيلية، ما يجعل الخزينة العامة في وضع هش أمام أي هبوط في أسعار النفط.

أخبار ذات علاقة

الكونغرس الأمريكي

الكونغرس الأمريكي يُلغي تفويض الحرب على العراق.. ما الذي يعنيه القرار؟

وتشير أرقام وزارة المالية، إلى أن إجمالي الرواتب التي صُرفت خلال النصف الأول من العام الحالي تجاوز 44 تريليون دينار عراقي (حوالي 29.3 مليار دولار أمريكي) بينما بلغت إيرادات صادرات النفط نحو 45 تريليون دينار، أي أن أكثر من 99% من الإيرادات النفطية ذهبت إلى بند الرواتب وحده.

وفي خضم ذلك، يعيش المتقاعدون في وسط الأزمة، إذ يضطرون للانتظار أياماً عدة لصرف رواتبهم، وسط موجة من القلق، خصوصاً أن هذه الشريحة تُعد من الأكثر هشاشة في المجتمع.

وتشير أرقام وزارة المالية العراقية، إلى أن عدد الموظفين في الدولة أكثر من 4 ملايين و200 ألف موظف، فيما يتجاوز عدد المتقاعدين 3 ملايين، بالإضافة إلى أكثر من 3 ملايين مستفيد من شبكة الحماية الاجتماعية.

وبحسب هذه الأرقام، فإن الالتزامات المالية السنوية تتجاوز 90 تريليون دينار، ما يعكس حجم العبء الهائل على الموازنة العامة ويزيد من ضعف الوضع المالي للدولة.

مؤشر خطير

بدوره، رأى النائب مصطفى الكرعاوي، أن "تأخر صرف الرواتب في الفترة الأخيرة مؤشر خطير على هشاشة النظام المالي واعتماده على إيرادات أحادية الجانب".

وأضاف الكرعاوي لـ"إرم نيوز"، أن "البرلمان سبق أن حذّر من المبالغة في الإنفاق ضمن الموازنة الثلاثية، لكن الحكومة لم تستجب، ما جعل السيولة النقدية في وضع حرج يهدد استقرار الالتزامات الأساسية".

ويحذر اقتصاديون من أن استمرار هذه الأزمة سيفرض تداعيات اجتماعية خطيرة، إذ يواجه المتقاعدون وأصحاب الدخل المحدود صعوبات متزايدة في تلبية احتياجات أسرهم، مع ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.

وفي ظل غياب بدائل اقتصادية، تبقى العائلات العراقية مهددة بسبب التذبذب في أسعار النفط العالمية، ما يجعل الأمن الاجتماعي مرتبطاً بشكل مباشر ببرميل نفط واحد.

وتكشف مراجعة السياسات المالية للعراق، أن الأزمة الراهنة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات طويلة من الاعتماد على الريع النفطي، وغياب أي برامج لتنويع مصادر الدخل.

ومنذ سنوات، تُركز الموازنات على التوسع في التوظيف الحكومي وزيادة النفقات التشغيلية، فيما بقيت قطاعات مثل الزراعة والصناعة والسياحة شبه مشلولة، وهذا الخلل جعل أكثر من نصف القوى العاملة في العراق تعتمد على الدولة في مصدر رزقها، ما أدى إلى تضخم غير مسبوق في بند الرواتب.

الإفلاس

من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي سرمد الشمري، أن "الأزمة المالية الحالية في العراق ليست ظرفية، بل بنيوية"، مشيراً إلى أن "الموازنة العامة تعتمد بشكل شبه كامل على النفط بنسبة تتجاوز 95%".

وأضاف الشمري لـ"إرم نيوز"، أن "الأسباب الرئيسة لهذه الأزمة تكمن في زيادة الإنفاق التمويلي على المشاريع الحكومية، وتذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية، فضلاً عن الارتفاع الكبير في أعداد الموظفين والمتقاعدين، ما جعل الرواتب تشكل غالبية الالتزامات المالية للدولة".

أخبار ذات علاقة

عماد أمهز وفي الإطار صورة من عملية خطفه

من تسوركوف إلى عماد أمهز.. تفاصيل صفقة الأسرى السرية مع حزب الله العراقي

وأشار إلى أن "هذه العوامل أدت إلى شلل في القطاعات الأخرى مثل الصناعة والزراعة والخدمات، وخلقت ضغطاً هائلاً على قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها"، محذراً من أن "أي هبوط إضافي في أسعار النفط قد يدفع العراق نحو الإفلاس الفعلي".

ويرى مختصون، أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب إصلاحات جذرية، تبدأ بترشيد النفقات وإعادة النظر في ملف الرواتب والدعم، وتنويع الإيرادات عبر تنشيط القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة والخدمات.

كما يشددون على ضرورة تأسيس صندوق سيادي لحفظ الفوائض النفطية في سنوات الوفرة، بحيث يستخدم في سد العجز خلال سنوات الشح، على غرار تجارب دول خليجية استطاعت مواجهة تقلبات السوق النفطية بمرونة أكبر.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC