logo
اقتصاد

الصين تشعل أسواق المعدن الأصفر بالبديل "الماكر"

تعبيرية

كشفت الصين عن معدن نفيس جديد باسم "الذهب الصافي الصلب"، بمعايير عالية قريبة جدّا من مواصفات الذّهب التقليدي، وفيما تذهب تقديرات بأنّ الذهب الجديد سيسيطر على سوق الذهب العالمي خلال السنوات القليلة القادمة، تستبعد أخرى هذا الأمر مؤكدة أنه لن يفلت من "فيتو" البورصات العالمية. 

وأطلقت الصّين مؤخرا "الذهب الصافي الصلب" أو "بيانغ زوجن"، وأدخلته حيّز التّنفيذ محليّا في ماي/ أيار الماضي.

مواصفات عالية 

وحسب مصادر صينية فإنّ المعدن الجديد يتمتع بدرجة نقاء لا تقل عن 99 بالمائة، وبصلابة عالية تصل إلى 60 درجة على مقياس "فيكرز"، أي ما يعادل 4 أضعاف صلابة الذهب الصافي التقليدي.

وللوصول إلى هذه المعادلة التعدينية، أضاف الخبراء الصينيون نسبة ضئيلة من المعادن النادرة مثل "الزنك" و"الإنريوم" بقيمة (0.1-1 بالمائة)، ومن شأن هذا التغيير أن يحدث تحويرات على "التركيب الذري للذهب" بشكل طفيف ما يُحسّنُ من قوته الميكانيكية مع المحافظة على بريقه الذّهبي واستقراره الكيميائي. 

 

أخبار ذات علاقة

تعدين الذهب غير القانوني في غانا

"الذهب القذر" في غانا يغذي سلاسل التوريد للشركات العالمية

ويُجمع خُبراء وصناعيو الذّهب، أنّ "الذهب الصيني الجديد" يجمع بين نقاء الذّهب عيار 24 قيراطا، وصلابة الذّهب عيار 18 قيراطا، مع المحافظة على درجة لمعانه الشديدة وثبات لونه وصلابته ومقاومته للخدوش. 

ووفق أقوالهم، فإنّ هذا الابتكار يسمح بإنتاج قطع جديدة خفيفة الوزن، ما بين (2-3 غرامات)، بنفس قوة القطعة التقليدية التي قد تتطلب ضعف كمية المادة. 

ومن شأن هذا الابتكار أن يحدث ضجة في سوق الذهب العالمي، بالنظر إلى سعره المنخفض حيث أنه يقل عن سعر الذهب التقليدي بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 بالمائة. 

وتمّ إطلاق هذا المعدن الجديد في كبرى معارض المجوهرات الصينية عبر عرض عينات صغيرة منه، قبل عرض مجموعات كاملة منه في معرض "هونغ كونغ" للمجوهرات والأحجار الكريمة في شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم. 

رؤية صينية "ذهبية"

ووفق مصادر إعلامية وسياسية صينية، فإنّ بكين تسعى إلى اكتساح سوق الذهب في العالم، من خلال هذا المعدن الجديد، فعلى الرغم من سيطرته الحالية على نحو 25 بالمائة من مبيعات المجوهرات الذهبية في الصين، إلا أنّ الأخيرة تطمح إلى تسويقه في الأسواق الخارجية. 

وتعتبر المصادر أنّ المعدن يندرج ضمن رؤية استراتيجية صينية خاصة بمجال المعادن النفيسة، وهي رؤية رباعية الأضلع، 

أوّلها، سعيها إلى التطويق الشامل والكامل لسوق الذهب العالمي، فهذا المنتوج ينضاف إلى إنتاجها الأصلي البالغ حوالي 400 طن من الذهب التقليدي لسنة 2024، ما يمثل 10 بالمائة من الإنتاج العالمي، وفي حال نجحت في إدخال هذا الذهب إلى "منظومة البيع والشراء"، فإنه سيسمح لها بكسر عجزها من الذهب، حيث أنّها تستهلك سنويا قرابة ال1000 طن منه. 

ثانيها، مزيد تثمين المعادن النادرة والثمينة التي تسيطر عليها بالكامل وتحتكر سلاسل الاستخراج والنقل والتثمين والتصدير، واستثمارها في مجالات استراتيجية وحيوية، تُعاضد مجال "بطاريات السيارات الكهربائية" و"اللوحات الرقمية" وغيرها.

 

أخبار ذات علاقة

آسيمي غويتا

معركة الذهب.. اختبار جديد لسلطة "أسيمي غويتا" في شمال مالي المضطرب

ثالثها، إعادة تعريف المعدن الأصفر، وتقديم هوية تعدينية جديدة للذهب من خلال المراوحة ما بين قيراطي الـ24 والـ18، الأمر الذي يمكنها من اعتلاء منصب رئيسي في صناعة السلع الثمينة والمعادن الفاخرة. 

رابعها، كسر الاعتماد على الدولار من خلال تراكم الذهب وتحفيز الطلب المحلي، عبر جعل الذهب أكثر تنوعا وبأسعار معقولة عبر تصاميم أخف وزنا وأكثر متانة، تجعله في متناول يد الأسر المتوسطة، وصغار التجار.  

اكتساح متوقع 

ولا يستبعد بعضُ خبراء الذهب أن يكتسح هذا المعدن النفيس الأسواقَ المحلية الصينية أولا، وأسواق منطقة شرق آسيا ثانيا، ليصل إلى منطقة الشرق الأوسط خلال الأشهر القليلة القادمة. 

ويعتبر هؤلاء أنّ المنتوج يندرج ضمن مبادرة صينية أشمل وهي مبادرة "طريق الحرير الجديد للذهب"، والتي أطلقها مجلس الذهب العالمي بالتعاون مع 14 شركة صينية خلال معرض المجوهرات والأحجار الكريمة في "هونغ كونغ"، بما يضفي عليه طابعا استراتيجيا رسميا.

وفي بيانهم لأهمية هذا المنتوج، يُشير صناعيو الذهب إلى أنّ الفرق الأساسي بين "الذهب الصيني" و"الذهب الخالص"، أنّ الأوّلَ يُصنع من ذهب نقي تضاف إليه معادن تمنحه صلابة أكبر ما يجعله أكثر متانة وسهولة في تشكيل مشغولات ذهبية أخرى، بينما الذهب الخالص يكون أنقى ولكنه أكثر ليونة ويصعب التعامل معه في الصناعة والتشكيل.

 

أخبار ذات علاقة

القارة السمراء تحترق بالحروب

أفريقيا بين الذهب والنار.. القارة السمراء تحترق بالحروب

ويطرح هؤلاء رؤية متفائلة جدّا حول قدرة الذهب الصيني على اكتساح الأسواق، إذ يعتبرون أنّ له عدّة مزايا من بينها، أنه فائق النقاء والمتانة سيما وأنه يمزج بين التكنولوجيا المتقدمة مع الحرفة القديمة، كما يمكن استخدامه في صناعة مشغولات ذهبية بنقاء يكاد يبلغ نسبة 100 بالمائة، ويسمح أيضا بتأثيث تصاميم دقيقة وثلاثية الأبعاد، مع احتفاظه بلمعانه ولونه لفترات طويلة حيث انه لا يتأثر بالعوامل البيئية ولا بطول الزمن، ومع كلّ ما سبق فهو يُعدُّ ملاذا آمنا للاستثمار كونه في المحصلة ذهابا خالصا عالي الجودة، وفق تعبيرهم. 

كما يمثل هذا الذهب حلا للمستهلكين وللتجار الصغار، في ظلّ الارتفاع الجنوني لسعر الذهب في الأسواق العالمية، حيث بلغ سعر "الأونصة" الواحدة قرابة 4074 دولارا. 

ويبلغ وزن "الأونصة" الواحدة 31.10 غراما من الذهب عيار 24 قيراطا.

ومن المقرر، أن يشكل هذا المعدن الجديد مكسبا جديدا ينضاف للصين، بعد نجاحها السنة الفارطة في اكتشاف أضخم منجم للذهب في العالم في مقاطعة "هونان"، برواسب خام عالية الجودة تحتوي على أكثر من 1000 طن متري من الذهب، وبقيمة نقدية تجاوزت ال83 مليار دولار. 

تحفظات وتساؤلات 

وعلى الرغم من هذا التفاؤل الذي يبديه بعض خبراء الذهب، فإنّ عدّة أطراف تقلل من قدرته على تغيير الموازين الحالية لسوق الذَّهب. 

ويؤكد هؤلاء أنّ الذهب الصيني ليس اختراعا جديدا، بل هو ذهب عادي يخضع لنفس القوانين والأسعار العالمية، وبناء على خضوعه لهذه المعايير والمقاييس فلن يحدث انقلابا في أسعار الذهب في الأسواق العالمية، ولن يعوض الذهب التقليديّ أيضا. 

ووفق تصور هؤلاء، فإنّ أية إضافة مهما كان شكلها ونوعها وضآلتها، تحوّل الذهب إلى سبيكة غير نقية، بنسبة 99.99 بالمائة، الأمر الذي يحوله (أي الذهب) إلى ذهب زينة لا استثمار، والفرق كبير بين النوعين.

 

أخبار ذات علاقة

مادة الذهب الخام

مناجم الذهب "في خطر".. أزمة الوقود تهدد صناعة التعدين في مالي

ولئن سلم هؤلاء بأنّ هذا المعدن قد يحدث تغييرا في سوق "ذهب الزينة والحلي والخواتم والقلائد"، فإنّه – حسب تقديرهم- لن يهز عرش الذهب التقليدي الذي يحكمه التضخم والتوازنات الجيوسياسية.

كما يطرح هؤلاء استفسارات جدية حول القيمة التسويقية لهذا "الذهب الصافي الصلب" في أسواق السبائك العالمية، وعن اعتراف البورصات الرئيسية في العالم، التي لا تقبل عادة عيارا للتعامل أقل من عيار 24 قيراطا. 

ويتساءلون أيضا عن الهوية التعدينية لهذا الذهب، وعن تصنيفه، فهل هو قيراط 24 فيعامل معاملة ذهب 24 قيراطا، أم أنه قيراط 18؟ وإن كان بين هذا وذاك، فكيف بالإمكان تقديره نقديا، سيما وانّه لأول مرة في تاريخ الذهب يكون معدنا ب"نقاء قيراطي عال" وب"صلابة قيراطية دُنيا". 

وفي نفس السياق التشكيكي، تشكك بعض الدّراسات والأبحاث من صحة محتوى المادّة الثمينة ومن دقة النّسب المقدّمة، ومن قدرتها على الثبات طويل الأمد بفعل التغيرات البيئية، طالما أنّ الحقائق والتقارير لم تصدر من جهة مخبرية مستقلة عن الجهات المصنعة الصينية. 

 

أخبار ذات علاقة

عناصر من الشرطة التركية

أزمة تضرب قطاع الذهب في تركيا والسلطات تعتقل 23 متهما

فيما يشتكي البعض من "تضليل" المنظومات الإعلامية الصينية التي تسمي المعادن المضافة للذهب "ذهبا خالصا"، حتى وإن تجاوز نقاؤه نسبة الـ99 بالمائة.

وفي كلّ الحالات، من الواضح أنّ مشهد الذهب العالمي، لن يبقى على ما هو عليه، وأنّ القادم الصيني الجديد، من شأنه تغيير التوازنات القائمة، صحيح أنّ بعض البورصات العالمية قد ترفع في وجهه الفيتو، ولكنها ستتعامل معه كحقيقة واقعة في الأسواق وفي التعاملات الفردية، وإلى حين الإقرار بحقه في الوجود الاستثماريّ سيكون هذا الذهب قد التهم الأخضر واليابس وعوّض الذّهب التقليديّ، وكذلك هو حال التنين الصيني الذي يقبل بالمراحل، ليتجاوز أصحاب النفوذ ب"مراحل". 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC