على عمق 32 متراً تحت الأرض في سنغافورة، تقع خزينة "ذا ريزيرف" العملاقة، أحد أكثر مرافق تخزين الذهب أماناً وسرية في العالم، بطاقة استيعابية تصل إلى 10 آلاف طن من الذهب، أي أكثر من ضعف ما يحتويه مخزن "فورت نوكس" الأمريكي الشهير.
وفي ظل تصاعد الأزمات الجيوسياسية والمالية عالمياً، باتت هذه الخزينة وجهة مفضلة لأثرياء أوروبا وأمريكا وأستراليا، الباحثين عن ملاذٍ آمن لأصولهم بعيداً عن تقلبات الأسواق المصرفية، وعدم استقرار العملات، بالتزامن مع تسجيل أسعار الذهب مستويات قياسية غير مسبوقة.
ويقع المبنى، الذي يبدو عادياً على خرائط "غوغل"، في شارع تشانغي الجنوبي 3، على مقربة من مطار سنغافورة-شانغي، إلا أن باطنه يخفي قاعة محصنة صُممت لتحمّل أسوأ السيناريوهات الأمنية.
ويقدّم "ذا ريزيرف" نفسه كمركز عالمي لتخزين الأصول المادية، يهدف إلى حماية الثروات للأجيال القادمة في مواجهة الأزمات الجيوسياسية، والمالية، والمدنية.
ويأتي الإقبال المتزايد على تخزين الذهب في وقت ارتفعت فيه أسعاره بشكل حادٍ منذ العام 2023، مدفوعة بعوامل عدة، من بينها التوترات السياسية العالمية، والهجمات المتكررة على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ما رفع سعر الأونصة من نحو 3300 دولار، في أغسطس الماضي، إلى 4400 دولار في كانون أول/ ديسمبر، بزيادة تجاوزت 33% خلال 4 أشهر.
ويرى خبراء أن تخزين الذهب في خزائن محصنة مثل "ذا ريزيرف" لا يُعد استثماراً بقدر ما هو وسيلة تحوّط وحماية للثروة، في ظل مخاوف متنامية من أزمات مالية كبرى محتملة.
ورغم أن فكرة الخزائن الحرة في سنغافورة ليست جديدة، مع افتتاح "لو فريبورت" العام 2010، فإن الأزمات المتلاحقة خلال السنوات الأخيرة، من جائحة كورونا إلى الحرب في أوكرانيا، عززت الطلب على تخزين الذهب المادي في مواقع جغرافية محايدة وآمنة.
وتسعى سنغافورة، التي تُوصف بـ"جزيرة الاستقرار" في عالم مضطرب، إلى ترسيخ مكانتها كملاذٍ آمن للثروات، مستفيدة من حيادها الإستراتيجي، واستقرارها السياسي، وأمنها القانوني، وبيئتها الضريبية الجاذبة، ما جعلها نقطة جذب متصاعدة لرؤوس الأموال العالمية.
