"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
حذّرت صحيفة "نيويورك تايمز" من تداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمضي قدمًا نحو بدء عمليات تعدين في قاع البحار بالمياه الدولية، مشيرة إلى مخاطر بيئية وتحديات تكنولوجية معقدة، وفقًا لما نقلته عن خبراء في مجالَي الأحياء والبيئة.
وفي خطوة أثارت جدلًا دوليًّا واسعًا، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًّا يدفع بالحكومة الأمريكية نحو تبني سياسات جديدة تهدف إلى استغلال الموارد المعدنية في قاع المحيطات، بما يشمل مناطق تقع خارج حدود السيادة الوطنية، وتضع هذه الخطوة الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع غالبية دول العالم، التي تعتبر المياه الدولية مناطق محظورة أمام الأنشطة الصناعية الكبرى مثل التعدين.
خطوة منفردة ضد التيار الدولي
وبحسب الصحيفة، فإن الأمر التنفيذي الصادر عن البيت الأبيض يكلّف الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بتسريع إجراءات إصدار التصاريح للشركات الراغبة في التنقيب عن المعادن في المياه الإقليمية والدولية، ويؤكد الأمر على تعزيز "مكانة الولايات المتحدة كقائد عالمي في مجال استكشاف وتطوير المعادن في قاع البحار، سواء داخل حدودها الوطنية أو خارجها"، وفقًا للنص الرسمي للبيت الأبيض.
إلا أن هذا التوجه يتجاوز، وفقًا للصحيفة، معاهدة دولية مرجعية عمرها عقود – هي اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1994 – التي صادقت عليها جميع الدول الساحلية الكبرى، باستثناء الولايات المتحدة.
وتعد هذه الخطوة أحد أبرز الأمثلة على سياسة إدارة ترامب القائمة على تجاهل المؤسسات الدولية، ما يُتوقع أن يثير استياءً لدى حلفاء واشنطن وخصومها على حد سواء.
مخاوف بيئية وأعباء تكنولوجية
ورغم وجود رغبة لدى العديد من الدول في تحويل حلم التعدين في قاع البحار إلى واقع، إلا أن التوافق العالمي حتى الآن يقوم على مبدأ أن الفوائد الاقتصادية المحتملة لا يجب أن تتجاوز المخاطر البيئية الجسيمة، والتي قد تؤثر على الثروات السمكية، والسلاسل الغذائية البحرية، إضافة إلى دور المحيطات الحيوي في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، أحد أبرز مسببات الاحتباس الحراري.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن المحللين يتساءلون عن جدوى الاستعجال في بدء عمليات التعدين في أعماق البحار، خصوصًا في ظل وفرة النيكل والكوبالت من مصادر التعدين التقليدي.
كما أن مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية – السوق الأساسي لهذه المعادن – بدأوا في الاتجاه نحو تصميم بطاريات تعتمد على عناصر بديلة.
ورغم ذلك، تبقى التوقعات بارتفاع الطلب المستقبلي على المعادن مرتفعة، كما أن تصاعد الحرب التجارية التي شنّها ترامب ضد الصين يثير مخاوف من تعرّض إمدادات الولايات المتحدة من بعض المعادن الحيوية للخطر.
وتشمل هذه المعادن "العناصر الأرضية النادرة" التي تتواجد بكميات ضئيلة ضمن ما يعرف بـ"عقيدات قاع البحر".
موارد هائلة في قاع المحيط
في هذا السياق، قدّرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن العقيدات المعدنية في منطقة كلاريون-كليبرتون، الواقعة في الجزء الشرقي من المحيط الهادئ، تحتوي على كميات من النيكل والكوبالت والمنغنيز تفوق مجمل الاحتياطيات الموجودة على اليابسة.
وتمتد هذه المنطقة بين المكسيك وهاواي، وتُقدّر مساحتها بنحو نصف مساحة الولايات المتحدة القارية.
وتقع عقود التعدين الخاصة بشركة المعادن الأمريكية – المُدرجة في بورصة فانكوفر بكولومبيا البريطانية – ضمن هذه المنطقة، ومن المتوقع أن تكون الشركة أول من يتقدم بطلب استغلال رسمي وفقًا لقانون أمريكي يعود إلى عام 1980، ويتيح التصاريح لتعدين قاع البحار.
ومع أن اتفاقية الأمم المتحدة تمنح الدول سيادة اقتصادية على مساحات بحرية تمتد حتى 200 ميل بحري من سواحلها، فإن المناطق الواقعة خارج هذه الحدود تخضع لسلطة "الهيئة الدولية لقاع البحار"، وهي الهيئة المعنية بتنظيم هذا النوع من النشاط في المياه الدولية.
رفض دولي وشركات كبرى تقاطع
وسط تصاعد القلق العالمي، دعت أكثر من 30 دولة إلى وقف مؤقت أو تأجيل تنفيذ مشاريع تعدين قاع البحار، في الوقت نفسه، أعلنت كبرى شركات صناعة السيارات والتكنولوجيا – مثل بي إم دبليو، وفولكس فاجن، وفولفو، وآبل، غوغل، وسامسونغ – التزامها بعدم استخدام معادن مستخرجة من قاع البحار، في محاولة للحد من الأثر البيئي المحتمل لهذه الأنشطة.
وتوضح الصحيفة أن أحد أبرز أسباب الحذر العالمي هو ندرة الدراسات العلمية حول أعماق البحار، ولا سيما في منطقة كلاريون-كليبرتون، وهي منطقة نائية باردة ومظلمة تعيش فيها كائنات حية لم يتم اكتشافها إلا خلال بعثات استكشافية محدودة.
وفي تعليقها على ذلك، تقول بيث أوركوت، عالمة الأحياء الدقيقة في مختبر بيغلو لعلوم المحيطات: "الوصول إلى أعماق المحيطات أشبه بالسفر إلى كوكب آخر... لقد اكتشف البشر القليل جدًّا، رغم أن أعماق البحار تغطي نحو 70% من سطح الأرض".
وتحذّر أوركوت من أن أي تدخل قد يؤدي إلى زعزعة الأنظمة البيئية في هذه الأعماق، مؤكدة أن تلك التدخلات "قد تتسبب في فقدان أنظمة بيئية بأكملها قبل أن يتمكن العلماء من دراستها أو فهمها".