حماس: نتمنى أن لا تكون "خارطة طريق" ترامب لإنهاء الحرب غطاء لنتنياهو
من قلب ركام البيوت المحطمة وتحت دخان القصف المتصاعد، لا تزال غزة تنبض بالحياة.. ولكن بصعوبة شديدة.
إنها الحياة كما لم يعرفها أحد، حياة تتعلق بفتات الخبز، وبما تبقى من ماء نظيف في علبة بلاستيكية، فمجاعة غزة لم تعد تحذيراً نظرياً، بل واقعاً مريراً يعيشه أكثر من 2.4 مليون إنسان كل يوم.
"لقد تجاوزنا أسوأ مخاوف العالم"… بهذه الكلمات حذرت أستراليا من الكارثة المتصاعدة، فيما لم تجد بريطانيا سوى أن تصف ما يحدث بأنه "لا يمكن الدفاع عنه"، وسط مشاهد لأطفال يتوسلون كسرة خبز، ويموتون من الجوع أمام عدسات العالم حيث لم تأتِ المجاعة في غزة فجأة بل كانت نتيجة حصار امتد لـ145 يوماً متواصلاً أغلقت فيه جميع المعابر، ومنع دخول الدواء والغذاء، حتى بات الدقيق أغلى من الذهب، وحليب الأطفال من المعجزات.
في مستشفيات الأطفال، يتحدث الأطباء بأسى: "لم نعد نملك ما نقدمه من وجبات، حتى الماء النظيف بات نادراً، والأدوية نفدت منذ شهور". الأطفال يفحصون بلا قدرة على العلاج، والنتائج صادمة تقول إن هناك أكثر من 5500 حالة سوء تغذية حاد شامل، و800 حالة سوء تغذية حاد وخيم، وفق تقارير الأونروا.
ووسط هذا الانهيار لم يعد المال وسيلة للعيش، فالسكان عادوا إلى المقايضة وهنا في حي المواصي غربي خان يونس، استبدل أب أربعين حفاظة أطفال بكيلو من السكر؛ لأن طفلته الجائعة باتت في حاجة إلى الغذاء أكثر من النظافة، في وقت تحولت فيه الأسواق إلى صفحات فيسبوك ومجموعات واتساب، تعرض فيها عبوات مسحوق الحليب مقابل كيس دقيق، أو بضع حبات تمر بثمن الحياة.
في ظل هذا الجحيم تنفي الجهات المحلية في غزة وصول أي مساعدات، وتصف التصريحات الإسرائيلية التي تقول خلاف ذلك بـ"المضللة"، مؤكدة أن نحو 115 شخصاً قضوا جوعاً حتى الآن، والرقم مرشح للارتفاع كل ساعة.
وبينما تعثرت مفاوضات وقف إطلاق النار بعد انسحاب المفاوضين الإسرائيليين من الدوحة عقب تقديم حماس مطالب جديدة ردًّا على آخر مقترح لوقف إطلاق النار في غزة واتفاقية الأسرى، تبقى المجاعة هي السلاح الأكثر فتكاً في غزة التي أصبح فيها الخبز حلم والماء أمل، والغزيون ينادون "لم نعد نطلب كهرباء أو شبكات هاتف… نريد فقط أن يأكل أطفالنا قبل أن يدفنونا".