بينما لا تزال أصوات المدافع تعلو فوق أي حديثٍ عن السلام.. تعيش الجبهات في شرق أوكرانيا واحدة من أكثر مراحلها دموية منذ شهور.. فوسائل الإعلام الأوكرانية تتحدث عن "وضع كارثي" في دونيتسك، حيث تتساقط المواقع، واحداً تلو الآخر، تحت ضغط القصف الروسي المتواصل، فيما تقول التقارير إن بعض النقاط العسكرية "اختفت من على الخرائط" وأخرى لا تضم سوى جنود جرحى ينتظرون الإجلاء أو المصير المجهول.
وزارة الدفاع الروسية أعلنت عن حصيلة ثقيلة من الخسائر الأوكرانية خلال 24 ساعة فقط تجاوزت 1600 جندي في مختلف الجبهات.. وأضافت موسكو أن قواتها سيطرت على 9 قرى وبلدات جديدة، بينها مواقع إستراتيجية في: دونيتسك، ودنيبروبتروفسك، وخاركيف، مؤكدة أن عمليات الجنوب والوسط والشمال تسير وفق الخطة وبنجاحٍ متسارع.
في المقابل لا يقتصر المشهد على ميادين القتال، إذ أعلن حاكم بيلغورود الروسية فياتشيسلاف جلادكوف، أن أوكرانيا قصفت سداً على خزان محلي مما أثار مخاوف من فيضانات وشيكة، ودفع السكان إلى مغادرة منازلهم.
أما على المستوى الدبلوماسي، فيبدو أن الحرب دخلت مرحلة معقدة من التفاوض والشد والجذب.. فبينما تفرض واشنطن عقوبات جديدة على كبرى شركات النفط الروسية تؤكد موسكو أن المفاوضات مع الولايات المتحدة "لم تتوقف" لكنها تشدد على ضرورة معالجة جذور الصراع، وضمان عدم تمدد حلف الناتو نحو حدودها.
في المقابل حصلت كييف على دفعة قوية من حلفائها الأوروبيين عقب اجتماع "تحالف الراغبين" في لندن الذي تعهد بتزويد أوكرانيا بخمسة آلاف صاروخ خفيف، واستغلال الأصول الروسية المجمّدة لتمويل الدفاع الأوكراني في خطوةٍ تهدف إلى زيادة الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين أكثر من أي وقتٍ مضى.
وبين خرائط تتغير، ومفاوضات تتعثر، يبدو أن الحرب في أوكرانيا تتجه نحو منعطف جديد.. فالمدن تتساقط، والخطوط الأمامية تتآكل، في وقت تبدو فيه خريطة دونيتسك على وشك أن تُعاد رسمها بالكامل.
