في لحظة فراغ الكرسي الرسولي، تتحوّل أنظار أكثر من مليار كاثوليكي إلى دخانٍ يتصاعد من مدخنة صغيرة في قلب روما، يحمل للعالم خبر ولادة بابا جديد.
مدخنة كنيسة السيستينا، أكثر من مجرد أنبوب حديدي، إنها بوابة بين الصمت المقدس وقرار يهزّ الروح الكاثوليكية في كل زاوية من الأرض.
فكيف يُختار البابا؟ وما أهمية هذه المدخنة؟
حين يصبح كرسي البابا شاغرا، يُغلق باب السيستينا على 120 كاردينالًا، ممن تقل أعمارهم عن 80 عامًا من مختلف أنحاء العالم.
يُقسمون على السرية، ويبدؤون التصويت، وسط صلوات وهمسات لا يسمعها أحد.
تُجرى عملية الاقتراع على مراحل، بورقة سرية يُكتب فيها اسم المرشّح. وإذا لم يحصل أحد على ثلثي الأصوات، يُعاد الاقتراع حتى يظهر إجماع.
وبعد كل جولة، تُحرق أوراق التصويت، والدخان يبدأ بالتصاعد.
إن كان أسود، فالعالم ينتظر. إن كان أبيض، فالكنيسة أنجبت راعيًا جديدًا.
يعود تقليد المدخنة في انتخاب بابا الفاتيكان إلى القرن الخامس عشر، لكنها أصبحت عنصرًا رسميًّا ومميزًا في إعلان نتائج التصويت منذ عام 1878.
تاريخيًّا، كان الحصول على اللون المناسب للدخان صعبًا، ما سبّب في بعض الأحيان ارتباكًا لدى الجموع المنتظرة في ساحة القديس بطرس.
لحل هذه المشكلة، أضيفت مواد كيميائية خاصة منذ عام 2005 لإنتاج لون دخان واضح لا يسبب التباسًا: أسود من خلال القطران، وأبيض باستخدام الكلورات أو السكر.
لحظة صعود الدخان الأبيض، تُقرع الأجراس، وتهتف الحشود: "Habemus Papam!" لقد أصبح لنا بابا.
يخرج الرجل المختار من العزلة إلى الشرفة، مرتديًا الرداء الأبيض، ليطل على العالم للمرة الأولى. اسمه يُعلن، وصورته تنتشر، لكنه من تلك اللحظة لم يعد شخصًا عاديًّا.. بل بات بابا الفاتيكان، خليفة القديس بطرس، وصوت الكنيسة.
