من تل أحمر إلى معرية.. وجود عسكري يبتلع الأرض والمنازل. في صمتٍ ثقيل يخترق الجبال والسهول، تتحرك الآليات العسكرية الإسرائيلية على أرض الجنوب السوري، تبني قواعد وتقتلع المنازل، وتخطّ واقعًا جديدًا.
لم يعد الوجود العسكري مؤقتًا أو مرتبطًا بالعمليات الأمنية، بل بات يتمدد كالأفعى، يلتف حول القرى والبلدات، ويغرس أنيابه في عمق السيادة السورية.
منذ ديسمبر الماضي، ارتفع عدد القواعد الإسرائيلية في الجنوب السوري إلى نحو 13 قاعدة، وفق مصادر محلية مطّلعة، في مؤشر واضح على تحول استراتيجي يسعى لترسيخ سيطرة مستمرة، وتثبيت واقع ميداني يصعب تغييره لاحقًا.
وفي تل أحمر الشرقي، بالقرب من بلدة كودنا في ريف القنيطرة، بدأ الجيش الإسرائيلي مؤخرًا ببناء قاعدة جديدة تضاف إلى أخرى في تل أحمر الغربي، وسط أعمال إنشائية متسارعة.
ما يحدث لا يقتصر على البناء، بل يمتد إلى عمليات هدم طالت منازل السوريين القريبة من تلك القواعد، ما دفع بالعشرات إلى النزوح، كما حدث سابقًا في الحميدية ومعرية وغيرها من البلدات التي شُيّدت فيها نقاط عسكرية.
التحركات الأخيرة، وفق تقارير دولية، تشمل بناء مهابط للطائرات، ووضع مساكن جاهزة، ونقاط مراقبة محصنة، ما يشير إلى نوايا طويلة الأمد تتجاوز البُعد الأمني إلى رسم واقع جديد في الجنوب.
وبحسب موقع "كلاش ريبورت"، فإن مساحة التوسع الأخيرة تعادل أكثر من نصف مساحة الجولان، مع بقاء ثلاثة ألوية إسرائيلية في المنطقة، ما يعكس حجم التغيير الجغرافي على الأرض.
جنوب سوريا يشهد اليوم تحولات ميدانية حاسمة، تُرسم بصمت، وتُثبّت بالقوة، في وقت تزداد فيه المخاوف من أن يصبح هذا الواقع الجديد أمرًا دائمًا يصعب التراجع عنه.