في الشرق الأوسط، تتدحرج كرة النار بسرعة تفوق قدرة الدبلوماسية على احتوائها.
إيران التي اهتزّت أراضيها بفعل ضربات إسرائيلية غير مسبوقة طالت منشآت نووية ومواقع سيادية، تعلن الآن، وبوضوح لا لبس فيه، أن مرحلة "التحذير" قد انتهت، وأن الردّ هذه المرة سيكون واسع النطاق، موجهة تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، إن فكرت أي منها بالتدخل.
طهران لم تكتفِ بالوعيد الكلامي، عبر قنوات دبلوماسية رسمية، نقلت تهديداتها: "كل من يشارك في صدّ هجومنا على إسرائيل، سنعامله كعدو مباشر"، الأهداف لم تعد خفية، بل كُشفت علنًا: قواعد عسكرية، ووحدات بحرية، وحتى السفن الحربية الغربية في الخليج.
وعلى الطرف الآخر، تحاول واشنطن جاهدة النأي بنفسها عن الضربة الإسرائيلية، إذ أكّد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن إسرائيل تصرفت بشكل "أحادي"، وأن أولوية واشنطن هي حماية قواتها، لا الدخول في حرب جديدة.
ومع ذلك، لم يفلح هذا التوضيح في تهدئة طهران، التي ترى أن الضربات لم تكن لتحدث دون ضوء أخضر أمريكي.
التصعيد لا يزال في بداياته، إيران أطلقت بالفعل مئات القذائف نحو إسرائيل، وهددت بإطلاق 2000 صاروخ إضافي، فيما تواصل إسرائيل قصف مواقع في عمق إيران، بما فيها منشآت يُعتقد أنها مرتبطة بالبرنامج النووي.
الحرب خرجت من الكواليس، لتصير واقعًا يُبثّ على الهواء مباشرة.
دونالد ترامب الذي يحاول التوازن بين التهديد والتهدئة، يلمّح إلى دعم غير مباشر لإسرائيل، ويشيد بـ"الهجوم الممتاز"، لكنه في الوقت ذاته يناشد إيران لإبرام اتفاق "قبل ألا يبقى هناك شيء".
مجلس الأمن يتأهب لجلسة طارئة، فيما تواصل قيادات إيران وإسرائيل تبادل الرسائل بالصواريخ. هل دخلت المنطقة حرب كسر العظم؟ أم أن هناك لحظة أخيرة يمكن فيها إنقاذ ما تبقى من السلام؟
ومع تصاعد وتيرة الاشتباك، تبرز معضلة أكبر: هل يستطيع الغرب الاستمرار في لعب دور "الطرف المحايد" بينما تشتعل الجبهات؟ فالدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، تمتلك حضورًا عسكريًا كثيفًا في المنطقة.
وفي ظل تهديدات إيران المباشرة باستهداف تلك القواعد حال تدخلها، تبدو عواصم القرار الغربي في مفارقة صعبة، تحاول فيه تجنب الانجرار إلى مواجهة مباشرة، دون التخلي عن حليفها الإسرائيلي.