logo
معدن يقلب الموازين بين إيران والنيجر
فيديو

"اليورانيوم".. معدن ثقيل يقلب موازين النفوذ بين إيران والنيجر؟ (فيديو إرم)

10 يونيو 2025، 9:34 ص

في قلب الساحل الإفريقي المضطرب، حيث تتداخل الفوضى السياسية مع هشاشة الأمن، تتحرك إيران بخطى محسوبة نحو ما قد يكون أهم اختراق جيوسياسي لها خارج الشرق الأوسط منذ عقود، وتحت غطاء التعاون الأمني وجهتها هذه المرة هي النيجر أما الهدف الخفي فربما يكون أكثر إشعاعًا وهو "اليورانيوم".
من "الدبلوماسية النووية" إلى "اليورانيوم”
شهد شهر مايو 2025 حدثًا لافتًا تمثل في زيارة وفد أمني إيراني رفيع إلى العاصمة النيجرية نيامي بقيادة قائد قوات الأمن الداخلي الإيرانية الجنرال أحمد رضا رادان، و تُوجت الزيارة بتوقيع اتفاقية أمنية شاملة بين البلدين، تركز على تبادل المعلومات وتدريب القوات النظامية وتطوير التعاون الاستخباراتي بين الجانبين، والتعاون في مجالات التدريب ومكافحة الإرهاب.
لكن خلف هذه البنود التقليدية، كشفت مصادر دبلوماسية وإعلامية عن أجندة أعمق تسعى طهران إلى تنفيذها بهدوء، وهي تأمين مصادر طويلة الأمد لليورانيوم الخام، الذي يمثل عصبًا حيويًا لبرنامجها النووي، حيث تشير تحليلات مراكز الأبحاث إلى أن طهران لا تبحث فقط عن نفوذ سياسي أو حضور عسكري في النيجر، بل تضع عينها على كنزها الاستراتيجي "اليورانيوم".. 
تحتل النيجر المرتبة السابعة عالميًا في إنتاج هذا المعدن، وقد كانت تاريخيًا موردًا رئيسيًا لفرنسا عبر شركة “أورانو” لكن الانقلاب الذي حدث عام 2023 غير المعادلة، فالسلطات الجديدة جمدت تراخيص “أورانو”، ما علّق تصدير أكثر من 1300 طن من اليورانيوم، وفتح المجال أمام مشترين محتملين من روسيا الصين وربما إيران التي لم تتأخر كثيرا في التقرب من الدولة الإفريقية فقد وقعت مع النيجر على هامش معرض إيران إكسبو 2025 وثيقة التعاون المشترك، ووفق الوكالة الإيرانية للأنباء فقد صرح وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، "محمد أتابك" قائلا "إنه وبعد انقطاع دام 13 عاما، تمكنا من إعادة تفعيل اللجنة المشتركة للتعاون بين إيران والنيجر، ونأمل أن يرتفع مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال وثيقة التعاون المشتركة".
بوابة إيران لإفريقيا
ما يجري في النيجر لا يمكن عزله عن المشهد المتقلب الذي يعيشه الساحل الإفريقي، ذلك الامتداد الجغرافي الذي تحوّل إلى مسرح صراع مفتوح بين قوى تبحث عن أكثر من مجرد نفوذ، وفي هذه الرقعة القابلة للاختراق تتحرك إيران بخطى محسوبة مستغلة الفوضى والفراغات التي خلفها انسحاب بعض القوى الغربية فبعد انقلاب 2023 أصبحت نيامي أرضًا خصبة لفرص جيوسياسية لم تكن مطروحة قبل سنوات، فعلى سبيل المثال طهران لا تكتفي بالملف المعدني إنما الملف الأمني حاضر بقوة بحسب تحليل مجلة لو بوان الفرنسية التي أشارت إلى أن إيران استطاعت أن تملأ الفراغ بتقديم تكنولوجيا متطورة، لا سيما في مجال الطائرات دون طيار، وهو ما جذب اهتمام نيامي بعد مغادرة القوات الأمريكية، التي كانت تدير قاعدة عسكرية متخصصة في تشغيل هذا النوع من الطائرات في مدينة أغاديز وبينما تحافظ النيجر على خطوط تواصل مفتوحة مع عدة دول، فإن دخول إيران على خط المعادلة يفتح فصلًا جديدًا في سباق السيطرة على قلب إفريقيا.

كيف تتحدى طهران والنيجر القواعد العالمية؟
الملف النووي الإيراني المحاصر بعقوبات وضغوط دولية متصاعدة، دفع طهران إلى التفكير خارج الصندوق و خارج الحدود التقليدية، والنيجر بمواردها الهائلة من اليورانيوم، قد تكون بوابة بديلة لتغذية البرنامج النووي الإيراني بعيدًا عن أعين الرقابة خاصة في ظل معاناة النيجر من انكماش فعلي بسبب تجميد الاستثمارات الأجنبية وتعليق صادرات المعادن الاستراتيجية. إذ تبحث نيامي عن شركاء بدلاء، ولا تجد كثيرًا من القيود عند طهران.. 
لكن هناك من يرى أن فرص نجاح إيران في التمدد ليست مضمونة بالكامل وهذا ما أشارت إليه صحيفة إندبندنت التي نقلت عن محللين قولهم إن الفراغ الأمني الحالي يوفر لإيران نافذة تعزز بعدها الاقتصادي لكن هناك كثيراً من العوامل قد تحد من قدراتها على ترسيخ النفوذ أبرزها شدة التنافس الدولي؛ حيث تشهد المنطقة صراعاً بين قوى كبرى، كما أن هناك ما يشبه الكماشة الغربية الاقتصادية على إيران تعرقلها من توسيع نفوذها خصوصاً إذا تصاعد الضغط مع التغيرات في الإدارة الأميركية والتشدد الأوروبي المحتمل، إضافة إلى ما وصفته الصحيفة بالصعوبات اللوجستية على مستوى البنى التحتية، مع صعوبة إنشاء خطوط إمداد مستقرة تحد من قدرة إيران على تحويل التعاون الأمني إلى شراكة إستراتيجية شاملة.
الخاتمة
في خضم التزاحم الدولي على النفوذ في منطقة الساحل، ومع حضور روسي متجذر، وتنافس تركي وأميركي وصيني متسارع، وبعيدا عن التصريحات الدبلوماسية وخطابات التعاون يبقى السؤال مفتوحًا .. هل تكون النيجر بوابة العبور لطموحات إيران وهل تمتلك الأخيرة القدرة على فرض أجندتها في هذه الساحة المعقدة؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC