هل تطلب إسرائيل "منطقة منزوعة السلاح" أم تطلب ما هو أخطر.. منطقة منزوعة السيادة والقرار ومنزوعة الوجود السوري ذاته؟
في الجنوب السوري لا تدور المعركة حول دبابات أو صواريخ بل حول الخرائط.. خرائط يرسمها الطموح الإسرائيلي داخل أراضٍ ليست له، فوق أرضٍ أنهكتها الحرب.
إسرائيل لا تطلب منطقة منزوعة السلاح لحماية حدودها فقط وفق مراقبين، بل تطلب ما هو أبعد؛ إعادة هندسة الواقع الأمني السوري وفق مصالحها ووفق ما يناسب جبهتها الشمالية.
تقول إنها تريد "أمنا" لكن في جوهر الطلب، تكمن رغبة في تفريغ الجنوب السوري من أي تهديد محتمل سواء كان سلاحا تابعا للجيش السوري، أو وجودا إيرانيا مستقبلا، أو تموضعا لحزب الله، أو حتى سكانا يمكن أن يتحولوا يوما إلى مقاومة ضد اسرائيل.
في هذا السياق لا تدافع إسرائيل عن الدروز كما تدّعي وفق مراقبين بل تستخدم قضيتهم كمدخل لإعادة رسم الخرائط داخل سوريا، وما يبدو كـ"منطقة منزوعة السلاح" هو في الواقع بوابة لمنطقة منزوعة السيادة السورية لصالح الأمن الإسرائيلي.
إن الخطورة لا تكمن في الحرب، بل في غيابها، إسرائيل تُعيد رسم خريطة الجنوب السوري دون الحاجة لحرب شاملة، بل ترسيم حدود جديد يتم فرضه، عبر مناطق خالية من الجيش السوري، وخالية من السيادة، وتُسوّق كأنها فقط "منزوعة السلاح، وهنا تحديدا، تُستخدم عبارة "منزوعة السلاح" كأداة دعائية لتبرير مشروع جيوسياسي أوسع لنزع السيادة وتغيير الخرائط دون إطلاق رصاصة واحدة.
إسرائيل تسعى لإنشاء حزام صامت في الجنوب السوري، خط أمني غير معلن، يمتد من الجولان إلى السويداء، يمنع أي خطر قبل أن يولد.. إنها ليست منطقة عازلة كما يراها البعض بل منطقة محايدة جغرافيا، لكنها منحازة سياسيا وأمنيا بالكامل لإسرائيل.
في النهاية.. هل نزع السلاح هو الهدف أم أن الهدف الحقيقي هو نزع السيادة، وبثّ الحياة في مشروع إسرائيلي قديم عبر ترسيم حدود إسرائيل داخل العمق العربي بأدوات حديثة ومبررات أمنية؟